وبدونها لا يكاد يكون هناك إخلال به (١) ، حيث لم يكن مع انتفاء الاولى ، إلا في مقام الاهمال أو الاجمال (٢) ، ومع انتفاء الثانية ، كان البيان بالقرينة (٣) ، ومع انتفاء الثالثة (٤).
______________________________________________________
الطبيعة لكان مخلا بغرضه ، اذ ليس في كلامه ما يدل عليه ، ولا يصح من الحكيم ان يكون غرضه عدم الشيوع والسريان ولم ينبّه عليه مع كون كلامه يقتضي كون غرضه الشيوع والسريان ، لما عرفت من اقتضاء المقدمات الثلاث هو الشيوع والسريان والى هذا اشار بقوله : «فانه فيما تحققت» أي المقدمات الثلاث «لو لم يرد» المتكلم الحكيم بكلامه «الشياع لا خلّ بغرضه حيث انه لم ينبه» على غرضه «مع انه بصدده» أي بصدد التنبيه على غرضه.
(١) لا يخفى ان مرجع الضمير في بدونها هو فاعل تحققت ، وهذا هو الدليل على ان قوله فانه فيما تحققت هو تفريع على مجموع المقدمات الثلاث التي ذكرها ، لانه استطرد كل واحدة منها وانه مع انتفاء أي واحدة منها لا يتم الاطلاق.
(٢) المقدمة الاولى هي كون المتكلم في مقام بيان تمام المراد فاذا انتفت هذه المقدمة بان لم يكن المولى في مقام البيان ، بل كان في مقام الاهمال او الاجمال ـ لا مجال للتمسك بالاطلاق ، لان نتيجة الاطلاق هو احراز تمام غرضه الذي هو في مقام بيانه ، فاذا كان في مقام الاهمال او الاجمال لا يكون المولى بصدد بيان تمام غرضه وهو واضح.
(٣) المقدمة الثانية هي انتفاء ما يوجب التعيين أي انتفاء القرينة المعينة لغرض المتكلم ، ومن الواضح انه مع انتفاء هذه المقدمة أي مع انتفاء انتفاء هذه المقدمة معناه ثبوت القرينة ، لكون نفي النفي اثبات لا يتم الاطلاق لفرض وجود قرينة معينة لما اراده ، ومن البديهي انه مع تعينه لما اراد لا يصح ان يقال لو اراد لبيّن لانه اراد فبيّن ولذا قال : «مع انتفاء الثانية كان البيان» موجودا «بالقرينة».
(٤) الثالثة هي انتفاء القدر المتيقن في مقام التخاطب ، وانتفاء الانتفاء هو الثبوت أي مع ثبوت القدر المتيقن في مقام التخاطب لا يلزم الاخلال بالغرض ، لصحة اعتماد