ولا ينحصر الدليل على الخبر بالاجماع ، كي يقال بأنه فيما لا يوجد على خلافه دلالة ، ومع وجود الدلالة القرآنية يسقط وجوب العمل به. كيف؟ وقد عرفت أن سيرتهم مستمرة على العمل به في قبال العمومات الكتابية (١) ، والاخبار الدالة على أن الاخبار المخالفة للقرآن يجب
______________________________________________________
(١) هذا ردّ المانع الثاني عن جواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد ، وحاصل هذا المانع ان الدليل على حجية الخبر الواحد هو الإجماع ، والاجماع دليل لبي لا بد من الاقتصار فيه على القدر المتيقن ، والقدر المتيقن من حجيته هو ما اذا لم تقم على خلاف الخبر دلالة ، وعموم القرآن دلالة على خلافه.
ومرجع هذا المانع الى أمرين : الأول : ان الأصل عدم حجية خبر الواحد ، وبعد قيام هذا الأصل والتسالم عليه لا يخرج عنه إلّا بدليل وهو اما القطع ، او ما قام القطع على حجيته وان كانت دلالته ظنية وكلاهما مفقودان ، اذ لا قطع بجواز تخصيص الكتاب بالخبر الواحد ، والدليل القائم على حجيته وان كان قطعيا إلّا ان مقدار دلالته غير معلومة لان دليل حجية الخبر الواحد هو الإجماع وهو لبي ، وليس هو لفظي له ظهور شامل لتخصيص الكتاب به حتى يقال ان حجيته قد قام الدليل القطعي عليها ، ودلالته وان كانت ظنية إلّا ان بناء العقلاء المتسالم على حجيته حيث لا ردع عنه يستلزم الاخذ بالظهور وان كان ظنيا ، وحيث كان دليل الخبر هو الاجماع وليس له لسان يكون له ظهور لا بد من الاخذ به فلا بد في مثله من الاقتصار على القدر المتيقن في الخروج عن الاصل المتقدم وهو أصالة عدم الحجية ، فينتج من ذلك انه لا بد في الاقتصار في حجية الخبر على غير ما اذا قام عموم كتابي على خلافه ، ومرجع هذا في الحقيقة ليس الى وجود المانع عن ادلة حجية الخبر الشاملة بظاهرها لتخصيص الكتاب به كما هو في المانع الاول ، وانما مرجعه الى عدم المقتضى.