والشرعيّة على ما قيل : ما استحيل وجوده بدونه شرعا (١) ، ولكنه لا يخفى رجوع الشرعيّة إلى العقليّة ، ضرورة أنه لا يكاد يكون مستحيلا ذلك شرعا ، إلا إذا أخذ فيه شرطا وقيدا ، واستحالة المشروط والمقيد بدون شرطه وقيده يكون عقليا (٢).
______________________________________________________
(١) هذا تقسيم آخر للمقدمة ، فانهم قسموا المقدمة إلى العقلية ، وعرفوها : بانه ما استحيل وجود ذي المقدمة بدونها عقلا كطي المسافة بالنسبة إلى الوصول إلى مكة ـ مثلا ـ فان طي المسافة ما يتوقف عليها وجود الواجب عقلا ، لوضوح محالية الطفرة عقلا. فهذا التوقف مما يحكم العقل به وانه لا يعقل وجود الواجب بدون هذه المقدمة. والى المقدمة الشرعية : وهي ما استحال وجود الواجب بدونها شرعا كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة فانه يستحيل تحقق الصلاة الصحيحة شرعا بدون الطهارة بعد أن اشترط الشارع الصلاة بالطهارة ، ومن الواضح ان هذا التوقف ليس كالسابق الذي يدرك العقل محالية وجود ذي المقدمة بدونها ولكن عند الشارع بعد أن أخذ الطهارة شرطا يستحيل عنده وجود ذي المقدمة بدونها. والى المقدمة العادية ، وسيأتي الكلام فيها ، فأقسام المقدمة ثلاثة : عقلية ، وشرعية ، وعادية.
(٢) حاصل ما اورده المصنف على تقسيم المقدمة إلى الشرعية والعقلية ان الشرعية ترجع إلى العقلية ، بان نقول : ان هذا الاشتراط الشرعي إن كان إرشاديا إلى أن هذا المتعلق للوجوب النفسي لا يحصل منه الغرض المترقب منه الّا باتيان هذه المقدمة ، فيكون الشارع في هذا المقام مرشدا صرفا إلى هذا التوقف ، وتكون الصلاة واقعا مما تتوقف على الطهارة ، كتوقف أداء مناسك الحج في مكة على طي المسافة فالتوقف عقلي ، لاستحالة حصول ذي المقدمة واقعا بدون هذه المقدمة ، وإنما الفرق بين هذين التوقفين هو ان العقل في الاولى يدرك التوقف ، وفي الشرعية لا يدرك التوقف وانما الشارع أرشد اليه.