ولعل منشأ توهمه ، خلطه بين الجهة التقييدية والتعليلية (١) ، هذا مع ما عرفت من عدم التخلف هاهنا ، وأن الغاية إنما هو حصول ما لولاه لما تمكن من التوصل إلى المطلوب النفسي ، فافهم واغتنم (٢).
ثم إنه لا شهادة على الاعتبار في صحة منع المولى عن مقدماته بأنحائها ، إلا فيما إذا رتب عليه الواجب لو سلم أصلا ، ضرورة أنه وإن لم يكن الواجب منها حينئذ غير الموصلة ، إلا أنه ليس لاجل اختصاص
______________________________________________________
ذي الغاية وهو المقدمة والواجب بالوجوب الغيري «على هذه الصفة» على اتصافها بكونها مطلوبة وواجبة بالوجوب الغيري «منوطا بحصولها» : أي منوطا بحصول الغاية التي هي الواجب النفسي.
(١) توضيحه : انه بناء على كون الايصال الى ذي المقدمة هو الغاية الداعية إلى وجوبها لكنها لا بد وان تكون حيثية تعليلية ، ولا يعقل ان يكون الايصال حيثية تقييدية لما عرفت : من ان لازم كونه حيثية تقييدية لزوم كون الواجب النفسي قيدا لمقدمته ، وهو باطل كما عرفت.
(٢) أي ان كون الايصال هو الغاية الداعية إلى ايجاب المقدمة لا نسلمه ، لما عرفت : من انه ليس باثر كل واحدة من المقدمات ، وما عرفت أيضا : من انه لا يعقل ان يكون الغرض الداعي إلى ايجاب شيء الا ما يترتب على نفس ذلك الشيء لا ما هو خارج عنه ، وترتب الواجب ليس مما يترتب على ذات ما هو مقدمة لانه امر خارج عنها ، وان الغرض والاثر الذي تتحمله المقدمة ويكون بحيث لا ينفك انتزاعه عن ذاتها هو حصول ما لولاه لما تمكن من التوصل إلى المطلوب ، فالغاية الداعية إلى ايجاب المقدمة هو هذا الاثر لا إيصالها إلى الواجب ، ولذا قال : «مع ما عرفت من عدم التخلف هاهنا» فإن الغاية التي دعت إلى ايجاب المقدمة لم تتخلف عنها وهي حصول ما لولاه لما امكن التوصل إلى الواجب ، وليس ايصال المقدمة هي الغاية حتى تكون من الموارد التي لا بد وان تكون الغاية حيثية تعليلية لا تقييدية.