وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ)(٢٥)
وقوله : (إِنَّ هذا أَخِي) [إعراب «أخي»] (١) عطف بيان ، وذلك أن ما جرى من هذه الأشياء صفة كالخلق والخلق وسائر الأوصاف ، فإنّه نعت محض ، والعامل فيه هو العامل في الموصوف ، وما كان منها ممّا ليس يوصف به بتّة ، فهو بدل والعامل فيه مكرّر أي : تقديرا يقال : جاءني أخوك زيد ، فالتقدير : جاءني أخوك ، جاءني زيد ، وما كان منها ممّا لا يوصف به واحتيج إلى أن يبيّن به ، ويجري مجرى الصفة ، فهو عطف بيان.
«والنعجة» في هذه الآية عبّر بها عن المرأة ، والنعجة في كلام العرب : تقع على أنثى بقر الوحش ، وعلى أنثى الضّأن ، وتعبّر العرب بها عن المرأة.
وقوله : (أَكْفِلْنِيها) أي : ردّها في كفالتي ، وقال ابن كيسان : المعنى : اجعلها كفلي ، أي : نصيبي ، (وَعَزَّنِي) معناه : غلبني ، ومنه قول العرب : «من عزّ بزّ» أي : من غلب ، سلب ، ومعنى قوله : (فِي الْخِطابِ) أي : كان أوجه منّي ، فإذا خاطبته ، كان كلامه أقوى من كلامي ، وقوّته أعظم من قوّتي.
ويروى أنّه لمّا قال : (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ) ، تبسّما عند ذلك ، وذهبا ، ولم يرهما لحينه ، فشعر حينئذ للأمر ، ويروى أنّهما ذهبا نحو السّماء بمرأى منه.
و (الْخُلَطاءِ) : الشركاء في الأملاك ، والأمور ، وهذا القول من داود وعظ لقاعدة حقّ ، ليحذّر الخصم من الوقوع في خلاف الحقّ.
وقوله تعالى : «إلا الذينءامنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم» : قال أبو حيان (٢) : (وَقَلِيلٌ) خبر مقدّم ، و «ما» زائدة تفيد معنى التّعظيم ، انتهى.
وروى ابن المبارك في «رقائقه» بسنده عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أشدّ الأعمال ذكر الله على كلّ حال ، والإنصاف من نفسك ، ومواساة الأخ في المال» (٣) انتهى.
وقوله تعالى : (وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ) معناه : شعر للأمر وعلمه ، و (فَتَنَّاهُ) أي : ابتليناه وامتحنّاه ، وقال البخاريّ : قال ابن عبّاس : (فَتَنَّاهُ) أي : اختبرناه ، وأسند البخاريّ
__________________
(١) سقط في : د.
(٢) ينظر : «البحر المحيط» (٧ / ٣٧٧)
(٣) ذكره الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» (٦ / ٣٢٦) من طريق الشافعي عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، وقال : وهذا موضوع على هؤلاء رقم : (١١٦٣)