نقل الآثار في فضل هذه السورة.
(تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١)
قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ تَبارَكَ) من البركة وهي التزيّد في الخيرات ، قال الثعلبي : (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) أي : تعالى وتعاظم وقال الحسن : تقدّس الذي بيده الملك في الدنيا والآخرة (١) ، وقال ابن عبّاس : (بِيَدِهِ الْمُلْكُ) : يعزّ من يشاء ويذل من يشاء (٢). انتهى.
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ (٣) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ (٤) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ)(٥)
وقوله سبحانه : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ ...) الآية ، الموت والحياة معنيان يتعاقبان جسم الحيوان ، يرتفع أحدهما بحلول الآخر ، وما جاء في الحديث الصحيح من قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح فيذبح على الصراط» (٣) الحديث ، فقال أهل العلم : إنّما ذلك تمثال كبش يوقع الله العلم الضّروريّ لأهل الدّارين أنّه الموت الذي ذاقوه في الدنيا ، ويكون ذلك التمثال حاملا للموت ، لا على أنه يحلّ الموت فيه فتذهب عنه حياة ، ثم يقرن الله تعالى في ذلك التمثال إعدام الموت.
وقوله سبحانه : (لِيَبْلُوَكُمْ) أي : جعل لكم هاتين الحالتين ليبلوكم ، أي : ليختبركم في حال الحياة ويجازيكم بعد الممات ، وقال أبو قتادة ، ونحوه عن ابن عمر ، قلت : يا رسول الله ، ما معنى قوله / تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)؟ فقال : يقول : أيّكم أحسن عقلا ، وأشدّكم لله خوفا ، وأحسنكم في أمره ونهيه نظرا ، وإن كانوا أقلّكم تطوّعا (٤) ، وقال ابن عبّاس وسفيان الثوري والحسن : (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) أزهدكم في
__________________
(١) ذكره القرطبي (١٨ / ١٣٤)
(٢) ذكره القرطبي (١٨ / ١٣٤) ، وابن عطية (٥ / ٣٣٧)
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) ذكره ابن عطية (٥ / ٣٣٧)