الذي أضاف هو ، أبو طلحة انتهى ، قال الترمذيّ الحكيم في كتاب «ختم الأولياء» له : حدثنا أبي قال : حدثنا عبد الله بن عاصم : حدثنا الجمانيّ : حدثنا صالح المرّيّ عن أبي سعيد الخدريّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ بدلاء أمّتي لم يدخلوا الجنّة بكثرة صوم ولا صلاة ؛ إنّما دخلوها بسلامة الصدور ، وسخاوة الأنفس ، وحسن الخلق ، والرحمة بجميع المسلمين» (١) انتهى ، والإيثار على النفس أكرم خلق ، قال أبو يزيد البسطاميّ : قدم علينا شاب من بلخ حاجّا فقال لي : ما حدّ الزهد عندكم؟ فقلت : إذا وجدنا أكلنا ، وإذا فقدنا صبرنا ، فقال : هكذا عندنا كلاب بلخ! فقلت له : فما هو عندكم؟! فقال : إذا فقدنا صبرنا ، وإذا وجدنا آثرنا ، وروي أنّ سبب هذه الآية أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم ، لمّا فتح هذه القرى قال للأنصار : «إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم ؛ وشاركتموهم في هذه الغنيمة ، وإن شئتم أمسكتم أموالكم وتركتم لهم هذه الغنيمة ؛ فقالوا : بل نقسم لهم من أموالنا ، ونترك لهم هذه الغنيمة ، فنزلت الآية ، والخصاصة : الفاقة والحاجة ، وشحّ النفس : هو / كثرة طمعها. وضبطها على المال ، والرغبة فيه ، وامتداد الأمل ؛ هذا جماع شحّ النفس. وهو داعية كلّ خلق سوء ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : من أدّى الزّكاة المفروضة ، وقرى الضّيف ، وأعطى في النائبة ـ فقد برىء من الشحّ» ، وإلى هذا الذي قلناه ذهب الجمهور والعارفون بالكلام ، وقيل في الشح غير هذا ، قال* ع (٢) * : وشحّ النفس فقر لا يذهبه غنى المال ، بل يزيده ، وينصب به ؛ و (يُوقَ) من وقى يقي ، وقال الفخر : اعلم أنّ الفرق بين الشحّ والبخل هو أنّ البخل نفس المنع ، والشحّ هو الحالة النفسانية التي تقتضي ذلك المنع ، ولمّا كان الشحّ من صفات النفس لا جرم ، قال الله تعالى : (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي : الظافرون بما أرادوا ، قال ابن زيد : من لم يأخذ شيئا نهاه الله عن أخذه ، ولم يمنع شيئا أمره الله تعالى بإعطائه ـ فقد وقي شحّ نفسه (٣) ، انتهى.
(وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٠) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ
__________________
(١) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٧ / ٤٣٩) ، (١٠٨٩٢) ، وذكره الهندي في «كنز العمال» (١٢ / ١٨٨) ، وزاد نسبته إلى الحكيم ، وابن أبي الدنيا في كتاب «السخاء» ، وذكره العجلوني في «كشف الخفاء» (٢ / ٢٥٩) (٢٢٠٢) ، شاهدا.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٨٨)
(٣) أخرجه الطبري (١٢ / ٤٢) ، برقم : (٣٣٨٨٦) ، وذكره البغوي (٤ / ٣٢٠) ، وابن عطية (٥ / ٢٨٨)