(ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠) وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ)(٥٠)
وقوله سبحانه : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ* وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) قال الحسن بن أبي الحسن وغيره : الأولون سالف الأمم ، منهم جماعة عظيمة أصحاب يمين ، والآخرون : هذه الأمّة ، منهم جماعة عظيمة أهل يمين (١) ، قال* ع (٢) * : بل جميعهم إلّا من كان من السابقين ، وقال قوم من المتأولين : هاتان الفرقتان في أمّة محمّد ، وروى ابن عبّاس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «الثلّتان من أمّتي» (٣) ، وروى ابن المبارك في «رقائقه» عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «إنّ أمّتي ثلثا أهل الجنّة ، والناس يومئذ عشرون ومائة صفّ ، وإنّ أمّتي من ذلك ثمانون صفّا» (٤) انتهى.
وقوله سبحانه : (وَأَصْحابُ الشِّمالِ ...) الآية : في الكلام معنى الإنحاء عليهم / وتعظيم مصائبهم ، والسّموم : أشد ما يكون من الحرّ اليابس الذي لا بلل معه ، والحميم : السخن جدّا من الماء الذي في جهنم ، واليحموم : هو الدخان الأسود يظلّ أهل النار ؛ قاله ابن عبّاس (٥) والجمهور ، وقيل : هو سرادق النار المحيط بأهلها ؛ فإنّه يرتفع من كلّ ناحية حتى يظلّهم ، وقيل : هو جبل في النار أسود.
وقوله : (وَلا كَرِيمٍ) معناه : ليس له صفة مدح ، قال الثعلبيّ : وعن ابن المسيّب (وَلا كَرِيمٍ) أي : ولا حسن (٦) نظيره من كلّ زوج كريم ، وقال قتادة : (لا بارِدٍ) : النزل (وَلا كَرِيمٍ) : المنظر (٧) ، وهو الظلّ الذي لا يغني من اللهب ، انتهى ، والمترف : المنعّم
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٦٤٤) ، برقم : (٣٣٤٣٨) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٤٥)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٤٥)
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٢٧) موقوفا على ابن عبّاس ، وعزاه إلى عبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن مردويه.
(٤) أخرجه نعيم بن حماد في زياداته على كتاب «الزهد» (١١٣) (٣٧٩)
(٥) أخرجه الطبري (١١ / ٦٤٦) ، برقم : (٣٣٤٥٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٤٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٩٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٢٨) ، وعزاه للفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه.
(٦) ذكره البغوي (٤ / ٢٨٦)
(٧) أخرجه الطبري (١١ / ٦٤٨) برقم : (٣٣٤٦٤) ، وذكره البغوي (٤ / ٢٨٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٩٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٢٨) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر.