أعلم ، وقرأ الجمهور (١) : «وثمودا» بالنصب ؛ عطفا على «عادا» «وقوم نوح» عطفا على «ثمود».
وقوله : (مِنْ قَبْلُ) لأنّهم كانوا أوّل أمّة كذّبت من أهل الأرض ، و (الْمُؤْتَفِكَةَ) : قرية قوم لوط (أَهْوى) أي : طرحها من هواء عال إلى سفل.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ)(٥٨)
وقوله سبحانه : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى) مخاطبة للإنسان الكافر ؛ كأنّه قيل له : هذا هو الله الذي له هذه الأفعال ، وهو خالقك المنعم عليك بكلّ النعم ، ففي أيّها تشك وتتمارى؟! معناه : تتشكك ، وقال مالك الغفاريّ : إنّ قوله : (أَلَّا تَزِرُ) إلى قوله : (تَتَمارى) هو في صحف إبراهيم وموسى.
وقوله سبحانه : (هذا نَذِيرٌ) يحتمل أن يشير إلى نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ، وهو قول قتادة وغيره (٢) ، وهذا هو الأشبه ، ويحتمل أن يشير إلى القرآن ، وهو تأويل قوم ، و (نَذِيرٌ) يحتمل أن يكون بناء اسم فاعل ، ويحتمل أن يكون مصدرا ، ونذر جمع نذير.
وقوله تعالى : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) معناه : قربت القريبة ، والآزفة : عبارة عن القيامة بإجماع من المفسرين ، وأزف معناه قرب جدّا ؛ قال كعب بن زهير : [البسيط]
بان الشباب وآها الشيب قد أزفا |
|
ولا أرى لشباب ذاهب خلفا (٣) ، |
و (كاشِفَةٌ) يحتمل أن تكون صفة لمؤنث التقدير : حال كاشفة ونحو هذا التقدير ، ويحتمل أن تكون بمعنى : كاشف ؛ قال الطبريّ (٤) والزّجّاج : هو من كشف السّرّ ، أي :
__________________
(١) وقرأها غير مصروفة حمزة ، وعاصم ، والحسن وعصمة.
ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٠٨) ، و «البحر المحيط» (٨ / ١٦٦) ، و «معاني القراءات» (٣ / ٤٠) ، و «العنوان» (١٨٢) ، و «حجة القراءات» (٦٨٨) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (٢ / ٥٠٣)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٥٤٠) برقم : (٣٢٦٥٦) ، وذكره البغوي (٤ / ٢٥٦) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٠٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٧٢) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر.
(٣) وبعده :
عاد السواد بياضا في مفارقه |
|
لا مرحبا ها بذا اللون الذي ردفا |
ينظر : «ديوانه» (٧٠) ، «المحرر الوجيز» (٥ / ٢١٠)
(٤) ينظر : «تفسير الطبري» (١١ / ٥٤١)