«اللهمّ اجعل رزق آل محمّد قوتا».
وفي «صحيح مسلم» عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : ما شبع آل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاثة أيّام تباعا حتّى مضى لسبيله (١).
وعنها ـ رضي الله عنها ـ قالت : «لم يمتلىء جوف نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم شبعا قطّ ، ولم يبثّ شكوى إلى أحد ، وكانت الفاقة أحبّ إليه من الغنى ، وإن كان ليظلّ جائعا يلتوي طول ليلته من الجوع ، فلا يمنعه ذلك صيام يومه ، ولو شاء سأل ربّه جميع كنوز الأرض وثمارها ورغد عيشها ، ولقد كنت أبكي له ؛ رحمة ممّا أرى به ، وأمسح بيدي على بطنه ممّا به من الجوع ، وأقول : نفسي لك الفداء لو تبلّغت من الدّنيا بما يقوتك! فيقول : يا عائشة ، ما لي وللدّنيا! إخواني من أولي العزم من الرسل صبروا على ما هو أشدّ من هذا ، فمضوا على حالهم ، فقدموا على ربّهم فأكرم مآبهم ، وأجزل ثوابهم ، فأجدني أستحيي إن ترفّهت في معيشتي / أن يقصّر بي غدا دونهم ، وما من شيء هو أحبّ إليّ من اللّحوق بإخواني وأخلّائي ، قالت : فما أقام بعد إلّا أشهرا حتّى توفّي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ» انتهى ، وباقي الآية دلالة على التوحيد واضحة ، و (النَّشْأَةَ الْأُخْرى) : هي إعادة الأجسام إلى الحشر بعد البلى ، و (أَقْنى) معناه : أكسب ما يقتنى ؛ تقول : قنيت المال ، أي : كسبته ، وقال ابن عبّاس : (أَقْنى) : قنّع (٢) ، قال* ع (٣) * : والقناعة خير قنية ، والغنى عرض زائل ، فلله درّ ابن عبّاس! و (الشِّعْرى) : نجم في السماء ، قال مجاهد وابن زيد (٤) : هو مرزم الجوزاء ، وهما شعريان : إحداهما الغميصاء ، والأخرى العبور ؛ لأنّها عبرت المجرّة ، وكانت خزاعة ممّن يعبد هذه الشعرى العبور ، ومعنى الآية : وأنّ الله سبحانه ربّ هذا المعبود الذي لكم و (عاداً الْأُولى) : اختلف في معنى وصفها بالأولى ، فقال الجمهور : سمّيت «أولى» بالإضافة إلى الأمم المتأخرة عنها ، وقال الطبريّ (٥) وغيره : سمّيت أولى ؛ لأنّ ثمّ عادا آخرة ، وهي قبيلة كانت بمكّة مع العماليق ، وهم بنو لقيم بن هزال ، والله
__________________
(١) أخرجه مسلم في «صحيحه» (٤ / ٢٨٨٢) ، كتاب «الزهد والرقائق» باب : (٢٥ / ٢٩٧١) ، بهذا اللفظ.
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٢٠٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٧١) ، وعزاه للفريابي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٠٨)
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٥٣٧) عن مجاهد برقم : (٣٢٦٣٧) وعن ابن زيد برقم : (٣٢٦٤٠) ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٠٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٥٩) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٧٢) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن جرير ، وأبي الشيخ.
(٥) ينظر : «تفسير الطبري» (١١ / ٥٣٧)