محكم لا نسخ فيه ، وهو لفظ عام مخصص.
وقوله : (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) أي : يراه الله ، ومن شاهد تلك الأمور ، وفي عرض الأعمال على الجميع تشريف للمحسنين وتوبيخ للمسيئين ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «من سمّع بأخيه فيما يكره ، سمّع الله به سامع خلقه يوم القيامة» (١).
وفي قوله تعالى : (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) وعيد للكافرين ، ووعد للمؤمنين.
(وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى (٤٢) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا (٤٤) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى (٤٧) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى (٤٩) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (٥٣) فَغَشَّاها ما غَشَّى)(٥٤)
وقوله سبحانه : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) أي : منتهى الخلق ومصيرهم ، اللهمّ أطلعنا على خيرك بفضلك ، ولا تفضحنا بين خلقك ، / وجد علينا بسترك في الدارين! وحقّ لعبد يعلم أنّه إلى ربه منتهاه ؛ أن يرفض هواه ؛ ويزهد في دنياه ، ويقبل بقلبه على مولاه ؛ ويقتدي بنبيّ فضّله الله على خلقه وارتضاه ؛ ويتأمل كيف كان زهده صلىاللهعليهوسلم في دنياه ؛ وإقباله على مولاه ؛ قال عياض في «شفاه» : وأما زهده صلىاللهعليهوسلم ، فقد قدمنا من الأخبار أثناء هذه السيرة ما يكفي ، وحسبك من تقلّله منها وإعراضه عنها وعن زهرتها ، وقد سيقت إليه بحذافيرها ، وترادفت عليه فتوحاتها ـ أنّه توفّي صلىاللهعليهوسلم ودرعه مرهونة عند يهوديّ (٢) ، وهو يدعو ، ويقول :
__________________
(١) أخرجه البخاري (١٣ / ١٣٨) ، كتاب «الأحكام» باب : من شاق شاق الله عليه (٧١٥٢) ، ومسلم (٤ / ٢٢٨٩) ، كتاب «الزهد والرقائق» باب : من أشرك في عمله غير الله (٤٩ / ٢٩٨٦) ، والترمذي (٣ / ٣٩٥) ، كتاب «النكاح» باب : ما جاء في الوليمة (١٠٩٧) نحوه ، ورواه البخاري من طريق صفوان ، وجندب ، ومسلم من طريق ابن عبّاس ، والترمذي من طريق ابن مسعود ، وأحمد (٣ / ٤٠) من طريق أبي سعيد الخدري (٤ / ٣١٣) ، (٥ / ٤٥) من طريق أبي بكرة.
(٢) أخرجه البخاري (٤ / ٣٠٢) كتاب «البيوع» باب : شراء النبي بالنسيئة ، حديث (٢٠٦٩) ، وأحمد (٣ / ١٣٣) ، والنسائي (٧ / ٢٨٨) كتاب «البيوع» باب : الرهن في الحضر ، وابن ماجه (٢ / ٨١٥) ، كتاب «الرهون» باب : (١) ، حديث (٢٤٣٧) ، والترمذي (٣ / ٥١٩ ـ ٥٢٠) ، كتاب «البيوع» باب : ما جاء في الرخصة في الشراء إلى أجل ، حديث (١٢١٥) ، وأبو يعلى (٥ / ٣٩٤) (٣٠٦١) ، وأبو الشيخ في أخلاق النبي (ص : ٢٦٣) ، والبيهقي (٦ / ٣٦) ، كتاب «الرهن» باب : جواز الرهن ، كلهم من حديث قتادة عن أنس ، أنه مشى إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بخبز شعير ، وإهالة سنخة ، ولقد رهن النبي صلىاللهعليهوسلم درعا له بالمدينة ، عند يهودي وأخذ منه شعيرا لأهله ، ولقد سمعته يقول : ما أمسى عند آل محمّد صلىاللهعليهوسلم صاع بر ولا صاع حب ، وإن عنده لتسع نسوة. وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.