وقوله تعالى : (وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ ...) الآية ؛ الذين وصّل لهم القول : هم قريش ؛ قاله مجاهد (١) وغيره ، قال الجمهور : والمعنى : وأصلنا لهم في القرآن ، وتابعناه موصولا بعضه ببعض في المواعظ والزواجر ، والدعاء ، إلى الإسلام. وذهبت فرقة إلى : أنّ الإشارة بتوصيل القول إنما هي إلى الألفاظ ، فالمعنى (٢) : ولقد وصّلنا لهم قولا معجزا دالّا على نبؤتك.
قال ع (٣) : والمعنى الأول تقديره : ولقد وصلنا لهم قولا يتضمّن معاني ؛ من تدبّرها اهتدى. ثم ذكر ـ تعالى ـ القوم الذين آمنوا بمحمد من أهل الكتاب مباهيا بهم قريشا. واختلف في تعيينهم فقال الزهري : الإشارة : إلى النّجاشيّ (٤).
وقيل : إلى سلمان ، وابن سلام ، وأسند الطبريّ (٥) إلى رفاعة القرظي ، قال : نزلت ٥٨ ب هذه الآية / في اليهود في عشرة أنا أحدهم ، أسلمنا فأوذينا (٦) ؛ فنزلت فينا هذه الآية. والضمير في (قَبْلِهِ) يعود على القرآن. و (أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) معناه : على ملّتين ؛ وهذا المعنى هو الذي قال فيه صلىاللهعليهوسلم «ثلاثة يؤتون أجرهم مرّتين ؛ رجل من أهل الكتاب آمن بنبيّه وآمن بي ...» الحديث (٧). و (يَدْرَؤُنَ) معناه : يدفعون ؛ وهذا وصف لمكارم الأخلاق ، أي : يتغابون ومن قال لهم سوءا لاينوه وقابلوه من القول الحسن بما يدفعه ، واللغو سقط القول ، والقول يسقط لوجوه يعزّ حصرها ، والمراد منه في الآية : ما كان سبّا وأذى ونحوه ؛ فأدب الإسلام الإعراض عنه. و (سَلامٌ) في هذا الموضع قصد به المتاركة لا التحيّة. قال
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٨٤) رقم (٢٧٥٠١ ـ ٢٧٥٠٢) ، وذكره ابن عطية (٤ / ٢٩١) ، وابن كثير (٣ / ٣٩٣) ، والسيوطي (٥ / ٢٤٩) ، وعزاه للفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٢) في ج : لمعنى.
(٣) ينظر : «المحرر» (٤ / ٢٩١)
(٤) ذكره ابن عطية (٤ / ٢٩٢)
(٥) ينظر : «الطبريّ» (١٠ / ٨٤)
(٦) ذكره ابن عطية (٤ / ٢٩٢)
(٧) أخرجه البخاري (١ / ٢٢٩) كتاب العلم : باب تعليم الرجل أمته (٩٧) ، ومن (٥ / ٢٠٥) كتاب العتق : باب فضل من أدب جاريته وعلمها (٢٥٤٤) ، ومن (٥ / ٢٠٧) باب العبد إذا أحسن عبادة ربه (٢٥٤٧) ، ومن (٥ / ٢١٠) باب كراهية التطاول على الرقيق (٢٥٥١) ، ومن (٦ / ١٦٩) كتاب الجهاد : باب فضل من أسلم (٣٠١١) ، ومن (٦ / ٥٥١) كتاب أحاديث الأنبياء : باب قول الله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا) (٣٤٤٦) ، ومن (٩ / ٢٩) كتاب النكاح باب اتخاذ السراري (٥٠٨٣) ، ومسلم (١ / ١٣٤ ـ ١٣٥) كتاب الإيمان : باب وجوب الإيمان برسالة محمد صلىاللهعليهوسلم (٢٤١ / ١٥٤)