بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمّد وآله
تفسير «سورة العنكبوت»
وهي مكّيّة
إلا الصدر منها العشر الآيات ؛ فإنها مدنية نزلت في شأن من كان من المسلمين بمكة ؛ هذا أصحّ ما قيل هنا والله تعالى أعلم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) (٣)
قوله تعالى : (الم) تقدم الكلام على هذه الحروف.
وقوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) نزلت هذه الآية في قوم من المؤمنين بمكة ؛ وكان كفار قريش يؤذونهم ، ويعذبونهم على الإسلام ، فكانت صدورهم تضيق لذلك ؛ وربما استنكر بعضهم أن يمكّن الله الكفرة من المؤمنين. قال مجاهد وغيره : فنزلت هذه الآية مسلية ، ومعلمة أن هذه هي سيرة الله في عباده اختبارا للمؤمنين ، ليعلم الصادق من الكاذب (١) ، و «حسب» بمعنى (٢) : ظنّ.
و (الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يريد بهم : المؤمنين مع الأنبياء في سالف الدّهر.
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (٤) مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٥) وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (٦) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٧)
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٤ / ٣٠٥)
(٢) في ج : معناه.