الزجاج : وهذا قبل الأمر بالقتال ، و (لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) معناه : لا نطلبهم للجدال والمراجعة والمشاتمة.
ت : قال ابن المبارك في «رقائقه» : أخبرنا حبيب بن حجر القيسي ، قال : كان يقال : ما أحسن الإيمان يزينه العلم ، وما أحسن العلم يزينه العمل ، وما أحسن العمل يزينه الرفق ، وما أضفت شيئا إلى شيء ، مثل حلم إلى علم ، انتهى. وأجمع جلّ المفسرين على أنّ قوله تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) إنما نزلت في شأن أبي طالب ، فروى أبو هريرة وغيره «أن النبي صلىاللهعليهوسلم دخل عليه ، وهو يجود بنفسه ، فقال له : أي عمّ ، قل : لا إله إلّا الله ، كلمة أشهد لك بها عند الله ...» الحديث (١) قد ذكرناه في سورة : «براءة» ، فمات أبو طالب على كفره ، فنزلت هذه الآية فيه.
قال أبو روق : قوله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) إشارة إلى العباس (٢) ، والضمير في قوله : (وَقالُوا) لقريش.
قال ابن عباس : والمتكلّم بذلك فيهم الحارث بن نوفل ، وحكى الثعلبيّ أنه قال له : إنا لنعلم أن الذي تقول حقّ ولكن إن اتبعناك تخطّفتنا العرب. وتجبى : معناه : تجمع وتجلب.
وقوله : (كُلِّ شَيْءٍ) يريد مما به صلاح حالهم ، ثم توعّد قريشا بقوله (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ) و (بَطِرَتْ) معناه : سفهت وأشرت وطغت ؛ قاله ابن زيد (٣) وغيره.
ت : قال الهروي : قوله تعالى : (بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) ، أي : في معيشتها ، والبطر : الطغيان عند النّعمة ، انتهى. ثم أحالهم على الاعتبار في خراب ديار الأمم المهلكة كحجر ثمود ، وغيره. ثمّ خاطب تعالى قريشا محقّرا لما كانوا يفتخرون به من مال وبنين ، وأنّ ذلك متاع الدنيا الفاني ، وأنّ الآخرة وما فيها من النّعيم الذي أعدّه الله للمؤمنين خير وأبقى.
ت : وفي الحديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لو كانت الدّنيا تعدل عند الله جناح
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ٢٩٣)
(٣) أخرجه الطبريّ (١٠ / ٩٠) رقم (٢٧٥٣٨) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٢٩٣)