بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وصلّى الله على سيّدناو مولانا محمّد وعلى آله
تفسير «سورة الروم»
وهي مكّيّة اتّفاقا
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (٣) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (٤) بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٥) وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (٧) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ) (٨)
قوله تعالى : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ) قرأ الجمهور (١) : «غلبت» ـ بضم الغين ، ـ وقالوا : معنى الآية : أنه بلغ أهل مكة أنّ الملك كسرى هزم جيش الروم بأذرعات ؛ وهي أدنى الأرض إلى مكة ؛ قاله عكرمة (٢). فسرّ بذلك كفار مكة فبشر الله تعالى المؤمنين بأن الروم سيغلبون في بضع سنين ، فخرج أبو بكر رضي الله عنه إلى المسجد الحرام ؛ فقال للكفار : أسركم أن غلبت الروم؟ فإن نبيّنا أخبرنا عن الله تعالى : أنهم سيغلبون في بضع سنين ، فقال له أبيّ بن خلف وأخوه أمية بن خلف : يا أبا بكر : تعال فلنتناحب ، أي : نتراهن في ذلك ، فراهنهم أبو بكر على خمس قلائص (٣) ، والأجل ثلاث سنين ، وذلك قبل أن يحرم القمار ، فأخبر النبيّ صلىاللهعليهوسلم بذلك ؛ فقال له : إن البضع إلى التسع ، ولكن زدهم في
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٣٢٧) ، و «البحر المحيط» (٧ / ١٥٧) ، و «الدر المصون» (٥ / ٣٧٠)
(٢) ذكره البغوي (٣ / ٤٧٧) ، وابن كثير (٣ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤) ، والسيوطي (٥ / ٢٩١) ، وعزاه لابن جرير عن عكرمة.
(٣) القلائص : جمع قلوص ، وهي الفتيّة من الإبل بمنزلة الجارية الفتاة من النساء. وقيل : هي الثنيّة ، وقيل : هي ابنة المخاض. وقيل : هى كل أنثى من الإبل حين تركب.
ينظر : «لسان العرب» ٣٧٢٢.