بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تفسير سورة مريم
هذه السورة مكية بإجماع إلّا السجدة منها ، فقيل : مكيّة.
وقيل : مدنيّة.
(كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (٣) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (٤) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (٦) يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (٧) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨) قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (٩) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) (١١)
قوله عزوجل : (كهيعص) قد تقدّم الكلام في فواتح السور.
وقوله : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ) مرتفع بقوله : (كهيعص) في قول فرقة.
وقيل : إنّه ارتفع على أنّه خبر مبتدإ محذوف تقديره : هذا ذكر ، وحكى أبو عمرو الدّاني عن ابن يعمر (١) أنّه قرأ : «ذكّر رحمة ربك» : بفتح الذّال ، وكسر الكاف المشدّدة ، ونصب الرحمة.
وقوله (نادى) : معناه بالدّعاء والرغبة ؛ قاله ابن العربيّ في «أحكامه» (٢).
وقوله تعالى : (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) : يناسب قوله : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً). [الأعراف : ٥٥].
وفي «الصحيح» عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «خير الذكر الخفيّ ، وخير الرزق ما يكفي» (٣)
__________________
(١) ينظر «مختصر الشواذ» ص (٨٦) ، و «المحرر الوجيز» (٤ / ١٤) ، و «البحر المحيط» (٦ / ١٦٣) ، و «الدر المصون» (٤ / ٤٩٠)
(٢) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٢٥٠)
(٣) تقدم تخريجه.