أعلمناه ، وهو أحد ما يرد تحت لفظ القضاء مرادا ، انتهى من كتاب «تفسير الأفعال الواقعة في القرآن». و «الثاوي» : المقيم.
(وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٤٦) وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٤٧)
وقوله تعالى : (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ) يريد وقت إنزال التوراة إلى موسى ـ عليهالسلام ـ وقوله : (إِذْ نادَيْنا) روي عن أبي هريرة : أنّه نودي يومئذ من السماء : «يا أمّة محمّد ، استجبت لكم قبل أن تدعوني ، وغفرت لكم قبل أن تسألوني» ، فحينئذ قال موسى عليهالسلام : اللهمّ اجعلني من أمّة محمد ، فالمعنى : إذ نادينا بأمرك وأخبرنا بنبوّتك.
وقال الطبريّ (١) : معنى قوله : (إِذْ نادَيْنا) : بأن (فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ ...) الآية [الأعراف : ١٥٦].
وقوله سبحانه : (وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ ...) الآية ، المصيبة : عذاب في الدّنيا على كفرهم ، وجواب (لَوْ لا) محذوف يقتضيه الكلام ؛ تقديره : لعاجلناهم بما يستحقّونه.
وقال الزجاج (٢) : تقديره : لما أرسلنا الرسل.
(فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ (٤٨) قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٩) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (٥٠)
وقوله سبحانه : (فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُ) يريد القرآن ومحمدا عليهالسلام ، والمقالة التي قالتها قريش : (لَوْ لا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) كانت من تعليم اليهود لهم ؛ قالوا لهم : لم لا يأتي بآية باهرة كالعصا واليد ، وغير ذلك ، فعكس الله عليهم قولهم ، ووقفهم على أنهم قد وقع منهم في تلك الآيات ما وقع من هؤلاء في هذه ، فالضمير في قوله (يَكْفُرُوا) لليهود ، وقرأ الجمهور : «ساحران» والمراد : موسى وهارون.
__________________
(١) ينظر : «الطبريّ» (١٠ / ٧٧)
(٢) ينظر : «معاني القرآن» للزجاج (٤ / ١٤٧)