نصرته» ، انتهى (١) ، ثم ذكر تعالى أنّه يزكي من شاء ممّن سبقت له السعادة ، وكان عمله الصالح أمارة على سبق السعادة له.
(وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢٢)
وقوله تعالى : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ ...) الآية : المشهور من الروايات أنّ هذه الآية نزلت في قصة أبي بكر رضي الله عنه ومسطح بن أثاثة ، وكان من قرابة أبي بكر ، وكان أبو بكر ينفق عليه ، لمسكنته ، فلما وقع أمر الإفك بلغ أبا بكر أنّه : وقع مسطح مع من وقع ؛ فحلف أبو بكر : لا ينفق عليه ، ولا ينفعه بنافعة أبدا ، فجاء مسطح معتذرا / ٣٦ ب وقال : إنّما كنت أسمع ولا أقول ، فنزلت الآية ، والفضل : الزيادة في الدّين ، والسعة هنا : هي المال ، ثم قال تعالى : (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ ...) الآية ، أي : كما تحبون عفو الله لكم عن ذنوبكم فكذلك اغفروا لمن دونكم ، فيروى أنّ أبا بكر قال : بلى ، إنّي أحبّ أن يغفر الله لي ، ورجّع إلى مسطح ما كان يجري عليه من النفقة والإحسان (٢).
قال ابن العربيّ في «أحكامه» : وفي هذه الآية دليل على أنّ الحنث إذا رآه الإنسان خيرا هو أولى من البر ، ولقول النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : «فرأى غيرها خيرا منها ، فليأت الّذي هو خير ، وليكفّر عن يمينه» انتهى (٣). وقال بعض الناس : هذه أرجى آية في كتاب الله عزوجل من
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٢ / ٦٨٧) كتاب الأدب : باب من رد على مسلم غيبة ، حديث (٤٨٨٤) ، وأحمد (٣ / ٤٤١) ، والبغوي في «شرح السنة» (٦ / ٤٩٥ ـ ٤٩٦ ـ بتحقيقنا)
(٢) أخرجه الطبريّ (٩ / ٢٨٩) برقم (٢٥٨٧٥) ، وذكره البغوي (٣ / ٣٣٤) ، وابن عطية (٤ / ١٧٢ ، ١٧٣) ، وابن كثير (٣ / ٢٧٦) ، والسيوطي (٥ / ٦٣) ، وعزاه لابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان.
(٣) أخرجه مسلم (٣ / ١٢٧١ ـ ١٢٧٢) كتاب الأيمان ، باب ندب من حلف يمينا ، فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير ، ويكفر عن يمينه ، حديث (١١ / ١٦٥٠) ، والبيهقي (١٠ / ٣٢) كتاب الأيمان ، باب من حلف على يمين فرأى خيرا منها ، فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.
وأخرجه مسلم (٣ / ١٢٧٢) كتاب الأيمان ، باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها ، حديث (١٣ / ١٦٥٠). ومن حديث عدي بن حاتم أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» ، وأبو داود الطيالسي (١ / ٢٤٧) كتاب «الأيمان والنذور» ، باب من حلف على يمين فرأى خيرا منها ، فليأت الذي هو خير ، وليكفر عن يمينه ، حديث (١٢١٨) ، وأحمد (٤ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧ ـ ٢٥٨) ، والدارمي (٢ / ١٨٦) كتاب «الأيمان والنذور» ، باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ، ومسلم (٣ / ١٢٧٢ ـ ١٢٧٣) ، كتاب : الأيمان ، باب : ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الذي هو خير ، ويكفر عن يمينه ، حديث (١٦ ، ١٨ / ١٦٥١) ، والنسائي (٧ / ١٠ ـ ١١) كتاب «الأيمان والنذور» ، باب الكفارة بعد الحنث ، وابن ماجه (١ / ٦٨١) كتاب «الكفارات» ، باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ، ـ