الكبر ، ونفثه : السحر.
قال ع (١) : والنّزعات وسورات الغضب من الشيطان ، وهي المتعوّذ منها في الآية ، وأصل الهمز : الدّفع والوكز بيد أو غيرها.
قلت : قال صاحب «سلاح المؤمن» : وهمزات الشياطين : خطراتها التي تخطرها بقلب الإنسان ، انتهى.
وقال الواحديّ : همزات الشياطين : نزغاتها ووساوسها ، انتهى.
(حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠) فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (١٠١) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيها كالِحُونَ) (١٠٤)
وقوله سبحانه : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ حَتَّى) في هذا الموضع حرف ابتداء ، والضمير في قوله : (أَحَدَهُمُ) للكفار ، وقوله : (ارْجِعُونِ) أي : إلى الحياة الدنيا ، والنون في : (ارْجِعُونِ) : نون العظمة ؛ وقال النبي صلىاللهعليهوسلم لعائشة : «إذا عاين المؤمن الموت ، قالت له الملائكة : نرجعك؟ فيقول : إلى دار الهموم والأحزان؟ بل قدما إلى الله ، وأمّا الكافر ، فيقول : (ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً)» (٢).
وقوله : (كَلَّا) : ردّ وزجر.
وقوله : (إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) تحتمل ثلاثة معان :
أحدها : الإخبار المؤكّد بأنّ هذا الشيء يقع ، ويقول هذه الكلمة.
الثاني : أن يكون المعنى : إنها كلمة لا تغني أكثر من أنّه يقولها ، ولا نفع له فيها ولا غوث ـ الثالث : أن يكون إشارة إلى أنّه لو ردّ لعاد ، والضمير في : (وَرائِهِمْ) للكفار ، والبرزخ في كلام العرب : الحاجز بين المسافتين ، ثم يستعار لما عدا ذلك ، وهو هنا : للمدّة التي بين موت الإنسان وبين بعثه ؛ هذا إجماع من المفسرين.
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١٥٥)
(٢) أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (٩ / ٢٤٢) رقم (٢٥٦٥٢) عن ابن جريج قال : زعموا أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لعائشة ، فذكره.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٢٩) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر.