قال ابن عباس (١) ، وابن جريج (٢) : نزلت عند هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة.
وقال أبو بكر الصديق : لمّا سمعتها ، علمت أنّه سيكون قتال (٣).
قلت : وهذا الحديث خرّجه الترمذيّ ، قال ابن العربيّ : ومعنى (أُذِنَ) : أبيح ، وقرىء «يقاتلون» بكسر التاء وفتحها (٤) ، فعلى قراءة الكسر : تكون الآية خبرا عن فعل المأذون لهم ، وعلى قراءة الفتح : فالآية خبر عن فعل غيرهم ، وأنّ الإذن وقع من أجل ذلك لهم ، ففي فتح التاء بيان سبب القتال ، وقد كان الكفار يتعمدون النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين بالإذاية ويعاملونهم بالنكاية ، وقد قتل أبو جهل سميّة أمّ عمار بن ياسر ، وعذّب بلال ، وبعد ذلك جاء الانتصار بالقتال ، انتهى ، ثم وعد سبحانه بالنصر في قوله : (وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).
(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (٤١)
وقوله سبحانه : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) يريد كلّ من خرج من مكة وآذاه أهلها حتى أخرجوه بإذايتهم ، ـ طائفة إلى الحبشة وطائفة إلى المدينة ـ ، ونسب الإخراج إلى الكفار ؛ لأنّ الكلام في معرض تقرير الذنب ، وإلزامه لهم.
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٣٢٥) كتاب «التفسير» : باب ومن سورة الحج حديث (٣١٧١) ، وأحمد (١ / ٢١٦) ، والطبريّ (٩ / ١٦١) رقم (٢٥٢٥٥) وابن حبان (١٦٨٧ ـ موارد) والحاكم (٣ / ٧) والطبراني (١٢ / ١٦) رقم (١٢٣٣٦) والبيهقي في «الدلائل» (٢ / ٢٩٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٦٥٥) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.
(٢) في ج : حي.
(٣) ينظر الأثر السابق.
(٤) قرأ بفتح التاء كل من نافع ، وأبي عمارة ، واين اليتيم ، وهبيرة عن حفص عن عاصم ، مع ضم همزة «أذن».
وقرأ بكسر التاء مع ضم الهمزة ـ عاصم في رواية أبي بكر ، وأبو عمرو.
وقرأها مكسورة مع فتح همزة «أذن» كل من ابن كثير ، وحمزة ، والكسائيّ. وقرأها ابن عامر مفتوحة الهمزة والتاء.
ينظر : «السبعة» (٤٣٧) ، و «الحجة» (٥ / ٢٨٠) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٧٩) ، و «معاني القراءات» (٢ / ١٨٢) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ٦٩ ـ ٧٠) ، و «العنوان» (١٣٥) ، و «حجة القراءات» (٤٧٨) ، و «شرح شعلة» (٥٠٤) ، و «إتحاف» (٢ / ٢٧٦)