(لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (٣٧) إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (٣٨) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (٣٩)
وقوله سبحانه : (لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها ...) الآية : عبارة مبالغة ، وهي بمعنى : لن ترفع عنده سبحانه ، وتتحصل سبب ثواب ، والمعنى : ولكن تنال الرفعة عنده ، وتحصل الحسنة لديه بالتقوى.
وقوله تعالى : (لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) روي : أن قوله : «وبشر المحسنين» نزلت في الخلفاء الأربعة حسبما تقدّم في التي قبلها ، وظاهر اللفظ العموم في كل محسن.
وقوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ...) الآية ، وقرأ أبو عمرو ، وابن كثير : «يدفع» (١) (وَلَوْ لا دَفْعُ) [الحج : ٤٠].
قال أبو علي : أجريت «دافع» مجرى «دفع» كعاقبت اللّصّ وطارقت النعل ، قال أبو الحسن الأخفش : يقولون : دافع الله عنك ، ودفع عنك ، إلّا أنّ «دفع» أكثر في الكلام.
قال ع (٢) : ويحسن «يدافع» ؛ لأنّه قد عنّ للمؤمنين من يدفعهم ويؤذيهم ، فيجيء دفعه سبحانه مدافعة عنهم ، وروي أنّ هذه الآية نزلت بسبب المؤمنين لمّا كثروا بمكة وآذاهم الكفّار ؛ همّ بعضهم أن يقتل من أمكنه من الكفّار ، ويغتال ، ويغدر ، فنزلت هذه الآية إلى قوله : (كَفُورٍ) ، ثم أذن الله سبحانه في قتال المؤمنين لمن قاتلهم من الكفار بقوله : (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ).
وقوله : (بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) معناه : كان الإذن بسبب أنهم (٣) ظلموا ، قال ابن جريج (٤) : وهذه الآية أول ما نقضت الموادعة.
__________________
(١) وحجتهما أن الله ـ جل وعز ـ لا يدافعه شيء ، وهو يدفع عن الناس ، فالفعل له وحده لا لغيره. وحجة الباقين أنه يدافع مرة بعد مرة.
ينظر : «السبعة» (٤٣٧) ، و «الحجة» (٥ / ٢٧٨) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٧٩) ، و «معاني القراءات» (٢ / ١٨١) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ٦٩) ، و «العنوان» (١٣٤) ، و «حجة القراءات» (٤٧٧) ، و «شرح شعلة» (٥٠٤) ، و «إتحاف» (٢ / ٢٧٧)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ١٢٣)
(٣) في ج : أنهم عند هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم.
(٤) ذكره ابن عطية (٤ / ١٢٤)