وقوله : (إِلَّا أَنْ يَقُولُوا / رَبُّنَا اللهُ) استثناء منقطع.
قال ص : وأجاز أبو إسحاق وغيره أن يكون في موضع جرّ بدلا من حقّ ، أي : بغير موجب سوى التوحيد الذي ينبغي أن يكون موجب الإقرار ، لا موجب الإخراج ، ومثله : (هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ) [المائدة : ٥٩] انتهى ، وهو حسن من حيث المعنى ، والانتقاد عليه مزيّف.
وقوله : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) الآية تقوية للأمر بالقتال ، وذكر أنّه متقدّم في الأمم ، وبه صلحت الشرائع ، فكأنه قال : أذن في القتال ، فليقاتل المؤمنون ، ولو لا القتال والجهاد لتغلّب على الحقّ في كلّ أمّة ، هذا أصوب تأويلات الآية ، والصومعة : موضع العبادة ، وهي بناء مرتفع ، منفرد ، حديد الأعلى ، والأصمع من الرجال : الحديد القول ، وكانت قبل الإسلام مختصّة برهبان النصارى ، وعبّاد الصابئين (١) ؛ قاله قتادة (٢) ، ثم استعملت (٣) في مئذنة المسلمين ، والبيع : كنائس النصارى ، واحدتها : بيعة.
وقال الطبريّ (٤) : قيل : هي كنائس اليهود ، ثم أدخل عن مجاهد ما لا يقتضي ذلك ، والصلوات مشتركة لكل ملّة ؛ واستعير الهدم للصلوات من حيث تعطيلها ؛ أو أراد موضع صلوات ، وقال أبو العالية (٥) : الصلوات مساجد الصابئين ، وقيل : غير هذا.
وقوله : (يُذْكَرُ فِيهَا) الضمير عائد على جميع ما تقدّم ، ثم وعد سبحانه بنصرة دينه وشرعه ، وفي ذلك حضّ على القتال والجدّ فيه ، ثم الآية تعمّ كل من نصر حقّا إلى يوم القيامة.
وقوله سبحانه : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ ...) الآية : قالت فرقة : هذه الآية في الخلفاء الأربعة ، والعموم في هذا كله أبين ، وبه يتّجه الأمر في جميع الناس ، وإنّما الآية آخذة عهدا على كلّ من مكّن [في الأرض] (٦) على قدر ما مكّن ، والآية
__________________
(١) في ج : الصابئين.
(٢) أخرجه الطبريّ (٩ / ١٦٤) برقم (٢٥٢٧٢) ، وذكره البغوي (٣ / ٢٩٠) ، وابن عطية (٤ / ١٢٥) ، وابن كثير (٣ / ٢٢٦) ، والسيوطي (٤ / ٦٥٧) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٣) في ج : استعمل.
(٤) ينظر : «الطبريّ» (٩ / ١٦٤)
(٥) أخرجه الطبريّ (٩ / ١٦٥) برقم (٢٥٢٨٥) ، وذكره ابن عطية (٤ / ١٢٥) ، وابن كثير (٣ / ٢٢٦) ، والسيوطي (٤ / ٦٥٧) وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن أبي العالية.
(٦) سقط في ج.