(حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ) (٩٦)
وقوله سبحانه : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ...) الآية ، تحتمل «حتى» في هذه الآية أن تتعلّق ب (يَرْجِعُونَ) ، وتحتمل أن تكون حرف ابتداء ، وهو الأظهر بسبب «إذا» ؛ لأنها تقتضي جوابا ، واختلف هنا في الجواب ، والذي أقول به : أنّ الجواب [في قوله] (١) (فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ) وهذا هو المعنى الذي قصد ذكره.
قال ص : قال أبو البقاء : (حَتَّى إِذا) متعلّقة في المعنى ب (حَرامٌ) أي : يستمر الامتناع إلى هذا الوقت ، ولا عمل لها في «إذا». انتهى.
وقرأ الجمهور : «فتحت» بتخفيف التاء ، وقرأ ابن عامر (٢) وحده «فتّحت» بالتشديد ، وروي أنّ يأجوج ومأجوج يشرفون في كلّ يوم على الفتح ، فيقولون : غدا نفتح ، ولا يردون المشيئة إلى الله تعالى ، فإذا كان غد وجدوا الردم كأوّله حتى إذا أذن الله تعالى في فتحه ، قال قائلهم : غدا نفتحه إن شاء الله تعالى ، فيجدونه كما تركوه قريب الانفتاح فيفتحونه حينئذ.
ت وقد تقدم في «سورة الكهف» كثير من أخبار يأجوج ومأجوج فأغنانا عن إعادته ، وهذه عادتنا في هذا المختصر أسأل الله تعالى أن ينفعنا وإيّاكم به ، ويجعله لنا نورا بين أيدينا ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلّا من أتى الله بقلب سليم ، والحدب : كل مسنّم من الأرض ، كالجبل والظرب (٣) والكدية (٤) ، والقبر ونحوه.
وقالت فرقة : المراد بقوله : (وَهُمْ) يأجوج ومأجوج ، يعني أنهم يطلعون من كل ثنية ومرتفع ويملؤون الأرض من كثرتهم.
وقالت فرقة : المراد بقوله : «وهم» جميع العالم ، وإنّما هو تعريف بالبعث من القبور.
__________________
(١) سقط في ج.
(٢) ينظر : «السبعة» (٤٣١) ، و «الحجة» (٥ / ٢٦٢) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٦٧) ، و «معاني القراءات» (٢ / ١٧٢) ، و «العنوان» (١٣٢) ، و «حجة القراءات» (٤٧٠) ، و «إتحاف» (٢ / ٢٦٧)
(٣) الظرب : كل ما نتأ من الحجارة ، وحدّ طرفه ، وقيل : هو الجبل المنبسط ، وقيل : هو الجبل الصغير ، وقيل : الروابي الصغار ، والجمع : ظراب.
ينظر : «لسان العرب» (٢٧٤٥)
(٤) الكدية : الأرض المرتفعة ، وقيل : هو شيء صلب من الحجارة والطين ، وهي أيضا الأرض الغليظة ، وقيل : الأرض الصلبة.
ينظر : «لسان العرب» (٣٨٣٨)