وقرأ ابن مسعود (١) : «وهم من كلّ جدث» بالجيم والثاء المثلثة ، وهذه القراءة تؤيّد هذا التأويل ، و (يَنْسِلُونَ) : معناه : يسرعون في تطامن ، وأسند الطبريّ عن أبي سعيد قال : «يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحدا إلّا قتلوه ، إلّا أهل الحصون ، فيمرّون على بحيرة طبرية فيمر آخرهم فيقول : كان هنا مرة ماء ، قال فيبعث الله عليهم النغف حتى تكسر أعناقهم ، فيقول أهل الحصون : لقد هلك أعداء الله ، فيدلون رجلا ينظر ، فيجدهم قد هلكوا ، قال : فينزل الله من السماء ماء فيقذف بهم في البحر ، فيطهر الله الأرض منهم» (٢) وفي حديث حذيفة نحو هذا ، وفي آخره قال : وعند ذلك طلوع الشمس من مغربها.
(وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ (٩٧) إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ (٩٨) لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (٩٩) لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَهُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ (١٠٠) إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (١٠١)
وقوله سبحانه : (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ) يريد يوم القيامة.
وقوله : (فَإِذا (٣) هِيَ) : مذهب سيبويه أنها ضمير القصّة ، وجوّز الفرّاء أن تكون ضمير الإبصار ، تقدمت ؛ لدلالة الكلام ، ومجيء ما يفسرها ، والشخوص بالبصر إحداد النظر دون أن يطرف ، وذلك يعتري من الخوف المفرط ونحوه ، وباقي الآية بيّن.
وقوله سبحانه : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ...) الآية : هذه الآية مخاطبة لكفّار مكّة ، أي : إنكم وأصنامكم حصب جهنم ، والحصب : ما توقد به النّار ؛ إمّا
__________________
(١) وقرأ بها ابن عباس ، والكلبي ، والضحاك.
قال أبو الفتح : هو القبر بلغة أهل الحجاز.
ينظر : «المحتسب» (٢ / ٦٦) ، و «مختصر الشواذ» (٩٥) ، و «الكشاف» (٣ / ١٣٥) ، و «المحرر الوجيز» (٤ / ١٠٠) ، و «البحر المحيط» (٦ / ٣١٤) ، و «الدر المصون» (٥ / ١١١)
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢ / ١٣٦٣ ـ ١٣٦٤) كتاب الفتن : باب فتنة الدجال ، حديث (٤٠٧٩) ، وأحمد (٣ / ٧٧) ، وأبو يعلى (٢ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨) رقم (١١٤٤) ، وابن حبان (١٩٠٩ ـ موارد) ، والحاكم (٤ / ٤٨٩) ، والطبريّ في «تفسيره» (٩ / ٨٦) كلهم من حديث أبي سعيد الخدري.
وصححه ابن حبان ، والحاكم ، ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٦٠٣) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر ، وابن مردويه.
(٣) سقط في ج.