وقوله سبحانه : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) المعنى : واذكر التي أحصنت فرجها ، وهي الجارحة المعروفة ، هذا قول الجمهور ، وفي إحصانها هو المدح ، وقالت فرقة : الفرج هنا هو فرج ثوبها [الذي منه نفخ الملك] (١). وهذا قول ضعيف ، وقد تقدم أمرها.
ت : وعكس (رحمهالله) في سورة التحريم النقل ، فقال : قال الجمهور : هو فرج الدرع.
(إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (٩٢) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ (٩٣) فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ (٩٤) وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (٩٥)
وقوله تعالى : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) يحتمل أن يكون منقطعا خطابا لمعاصري النبي صلىاللهعليهوسلم ثم أخبر عن الناس أنّهم تقطعوا ، ثم وعد وأوعد ، ويحتمل أن يكون متّصلا بقصة مريم وابنها ـ عليهماالسلام.
ص : أبو البقاء : (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ) أي ، في أمرهم ، يريد أنه منصوب على إسقاط حرف الجر.
وقيل : عدّي بنفسه ؛ لأنّه بمعنى قطعوا ، أي فرقوا ، انتهى.
وقال البخاري : (أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً) ، أي : دينكم دين واحد (٢). انتهى.
وقرأ جمهور السبعة : «وحرام» ، وقرأ حمزة والكسائيّ وحفص عن عاصم (٣) : «وحرم» ـ بكسر الحاء وسكون الراء ـ وهما مصدران بمعنى ، فأمّا معنى الآية ، فقالت فرقة : حرام وحرم معناه : جزم وحتم ، فالمعنى : وحتم على قرية أهلكناها ، أنّهم لا يرجعون إلى الدنيا فيتوبون ويستعتبون ، بل هم صائرون إلى العقاب.
وقالت طائفة : حرام وحرم ، أي : ممتنع.
__________________
(١) سقط في ج.
(٢) ينظر : «صحيح البخاري» (٨ / ٢٨٩) كتاب «التفسير» : باب سورة الأنبياء.
(٣) إنما قرأ عاصم هذه القراءة في رواية أبي بكر ، لا حفص كما ذكر المصنف ، وأما قراءة حفص فهي كقراءة الجمهور.
ينظر : «السبعة» (٤٣١) ، و «الحجة» (٥ / ٢٦١) ، و «إعراب القراءات» (٢ / ٦٨) ، و «معاني القراءات» (٢ / ١٧٠) ، و «شرح الطيبة» (٥ / ٦٠) ، و «العنوان» (١٣٢) ، و «شرح شعلة» (٥٠٠) ، و «إتحاف» (٢ / ٢٦٧)