الرّوح من عند ربّ العرش مبدؤه |
|
وتربة الأرض أصل الجسم والبدن |
قد ألّف الملك الجبّار بينهما |
|
ليصلحا لقبول الأمر والمحن |
فالرّوح في غربة والجسم في وطن |
|
فلتعرفنّ ذمام النّازح الوطن |
انتهى.
وقوله سبحانه : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها ...) الآية : السبب في هذه الآية على ما روي ، أن أبا جهل سمع بعض أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم يقرأ ، فيذكر الله تعالى في قراءته ، ومرّة يذكر الرحمن ، ونحو ذلك ، فقال : محمّد يزعم أنّ الإله واحد ، وهو إنما يعبد آلهة كثيرة ، فنزلت هذه الآية ، ومن أسماء الله تعالى ما ورد في القرآن ، ومنها ما ورد في الحديث وتواتر ، وهذا هو الذي ينبغي أن يعتمد عليه.
وقوله سبحانه : (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ) ، قال ابن زيد : معناه : اتركوهم (١) ، فالآية على هذا منسوخة ، وقيل : معناه : الوعيد ؛ كقوله سبحانه : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) [المدثر : ١١] و (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا) [الحجر : ٣] يقال : ألحد ولحد بمعنى جار ، ومال ، وانحرف ، و «ألحد» : أشهر ؛ ومنه لحد القبر ، ومعنى الإلحاد في أسماء الله عزوجل : أن يسمّوا اللّات نظير اسم الله تعالى ؛ قاله ابن عباس (٢) ، والعزّى نظير العزيز ؛ قاله مجاهد (٣) ، ويسمّون الله أبا ، ويسمّون أوثانهم أربابا.
وقوله سبحانه : (سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) : وعيد محض.
(وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٨١) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (١٨٢) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)(١٨٣)
وقوله سبحانه : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) ، الآية تتضمّن الإخبار عن قوم أهل إيمان واستقامة وهداية ، وظاهرها ، يقتضي كلّ مؤمن كان من لدن آدم عليهالسلام إلى قيام الساعة ، وروي عن كثير من المفسّرين : أنها في أمّة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ، وروي في ذلك حديث أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ١٣٣) برقم : (١٥٤٦٨) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٨١)
(٢) أخرجه الطبري (٦ / ١٣٢) برقم : (١٥٤٦٤) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٨١) ، والبغوي (٢ / ٢١٨) ، وابن كثير (٢ / ٢٦٩) بنحوه ، والسيوطي (٣ / ٢٧١) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري (٦ / ١٣٢) برقم : (١٥٤٦٥) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٨١) ، والبغوي (٢ / ٢١٨) ، وابن كثير (٢ / ٢٦٩)