وكلّ الأمور بمرأى منه ومسمع ، (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) ، أي : من كل شيء ينفع في معنى الشرع ، وقوله : (وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) مثله ، وقوله : (بِقُوَّةٍ) ، أي : بجدّ وصبر عليها ؛ قاله ابن عباس (١) ، وقوله : (بِأَحْسَنِها) يحتمل معنيين.
أحدهما : التفضيل ؛ كما إذا عرض مثلا مباحان ؛ كالعفو والقصاص ، فيأخذون بالأحسن منهما.
والمعنى الثاني : يأخذون بحسن وصف الشريعة بجملتها ؛ كما تقول : الله أكبر ، دون مقايسة.
وقوله سبحانه : (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) ، الرؤية هنا : رؤية عين ؛ هذا هو الأظهر إلا أن المعنى يتضمّن الوعد للمؤمنين ، والوعيد للفاسقين ، ودار الفاسقين : قيل : هي مصر ، والمراد آل فرعون ، وقيل : الشام ، والمراد العمالقة وقيل : جهنّم ، والمراد الكفرة بموسى ، وقيل غير هذا ممّا يفتقر إلى صحة إسناد.
(سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ (١٤٦) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١٤٧)
وقوله تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ ...) الآية : المعنى : سأمنع وأصدّ ، قال سفيان بن عيينة : الآيات هنا كلّ كتاب منزّل (٢).
قال* ع (٣) * : والمعنى عن فهمها وتصديقها ، وقال ابن جريج : الآيات : العلامات المنصوبة الدالّة على الوحدانية ، والمعنى : عن النظر فيها ، والتفكّر والاستدلال بها ، واللفظ يعمّ الوجهين (٤) / ، والمتكبّرون في الأرض بغير الحقّ : هم الكفّار ، قلت : ويدخل في هذا
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ٥٨) برقم : (١٥١٢٢) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٥٢) ، والسيوطي (٣ / ٢٣٣) ، وعزاه لابن جرير.
(٢) أخرجه الطبري (٦ / ٦٠) برقم : (١٥١٣٢) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٥٤) ، والبغوي (٢ / ٢٠٠) بنحوه ، وابن كثير (٢ / ٢٤٧) ، والسيوطي (٣ / ٢٣٤) ، وعزاه لابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ.
(٣) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٤٥٤)
(٤) أخرجه الطبري (٦ / ٦١) برقم : (١٥١٣٣) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٥٤) ، والبغوي (٢ / ٢٠٠) ، والسيوطي (٣ / ٢٣٤) ، وعزاه لابن المنذر ، وأبي الشيخ.