يَخْشى) [طه : ٤٤]. وقوله : (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) ، روي أن موسى قلق به ، وبمجاورته فرعون ، فقال لأعوانه : خذوه ، فألقى موسى العصا ، فصارت ثعبانا ، وهمّت بفرعون ، فهرب منها.
وقال السّديّ : إنه أحدث ، وقال : يا موسى كفّه عني (١) ، فكفّه ، وقال نحوه سعيد بن (٢) جبير ، ويقال : إن الثعبان وضع أسفل لحييه في الأرض وأعلاهما في أعلى شرفات القصر. والثعبان : الحيّة الذّكر / وهو أهول وأجرأ ؛ قاله الضحاك (٣) ، وقال قتادة : صارت حيّة أشعر ذكرا (٤) ، وقال ابن عباس : غرزت ذنبها في الأرض ، ورفعت صدرها إلى فرعون ، وقوله : (مُبِينٌ) معناه : لا تخييل فيه ، بل هو بيّن ؛ أنه ثعبان حقيقة ، (وَنَزَعَ يَدَهُ) : معناه : من جيبه ، أو من كمّه ؛ حسب الخلاف في ذلك.
وقوله : (فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ) ، قال مجاهد : كاللبن أو أشدّ بياضا (٥) ، وروي أنها كانت تظهر منيرة شفّافة كالشّمس تأتلق ، وكان موسى عليهالسلام آدم أحمر إلى السواد ، ثم كان يردّ يده ، فترجع إلى لون بدنه.
قال* ع (٦) * : فهاتان الآيتان عرضهما عليهالسلام للمعارضة ، ودعا إلى الله بهما ، وخرق العادة بهما.
* ت* : وظاهر الآية كما قال ، وليس في الآية ما يدلّ على أنه أراد بإلقاء العصا الانتصار والتخويف ؛ كما يعطيه ما تقدّم ذكره من القصص.
(قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (١٠٩) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ (١١٠) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢) وَجاءَ
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ١٦) برقم : (١٤٩١٩) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٣٦) ، والبغوي (٢ / ١٨٥) ، وابن كثير (٢ / ٢٣٦) ، والسيوطي (٣ / ١٩٧) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري (٦ / ١٦) برقم : (١٤٩٢١) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٣٦)
(٣) أخرجه الطبري (٦ / ١٦) برقم : (١٤٩٢٥) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٣٦) ، وابن كثير (٢ / ٢٣٦)
(٤) أخرجه الطبري (٦ / ١٥) برقم : (١٤٩١٧) بلفظ : «تحولت حية عظيمة» ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٣٦) ، والسيوطي (٣ / ١٩٧) نحوه ، وعزاه لعبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ.
(٥) أخرجه الطبري (٦ / ١٧) برقم : (١٤٩٢٨) بلفظ : «نزع يده من جيبه بيضاء من غير برص» ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤٣٦) ، وابن كثير (٢ / ٢٣٦) بنحوه.
(٦) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٤٣٦)