كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا |
|
أنيس ولم يسمر بمكّة سامر (١) |
قال* ع* (٢) : فغنيت في المكان ، إنما يقال في الإقامة التي هي مقترنة بتنعّم وعيش مرضيّ ، وقوله : (يا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) : كلام يقتضي حزنا وإشفاقا ؛ لمّا رأى هلاك قومه ؛ إذ كان أمله فيهم غير ذلك ، ولمّا وجد في نفسه ذلك ،
__________________
(١) وهو لعمرو بن الحارث بن مضاض أو للحارث الجرهمي في «لسان العرب» (١٣ / ١٠٩) (جحن) ؛ وبلا نسبة في «شرح قطر الندى» ص : (١٥٩).
واستشهد بقوله : «كأن لم يكن» حيث خفّف «كأن» فحذف اسمها ، وأتى بخبرها جملة فعليّة. وذكر ياقوت في «معجم البلدان» (٢ / ٢٦٠) (الحجون) ، ونسبه إلى مضّاض بن عمرو الجرهمي يتشوّق مكة لما أجلتهم عنها خزاعة :
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا |
|
أنيس ، ولم يسمر بمكة سامر |
بلى! نحن كنا أهلها ، فأبادنا |
|
صروف الليالي والجدود العواثر |
فأخرجنا منها المليك بقدرة ، |
|
كذلك ، يا للناس ، تجري المقادر |
فصرنا أحاديثا وكنا بغبطة ، |
|
كذلك عضّتنا السنون الغوابر |
وبدّلنا كعب بها دار غربة ، |
|
بها الذئب يعوي والعدوّ المكاشر |
فسحّت دموع العين تجري لبلدة ، |
|
بها حرم أمن وفيها المشاعر |
ينظر : «المعجم» (١ / ٣٧٥)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٢ / ٤٣٠)