* ت* : ففي «البخاريّ» من حديث أبي هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم / قال : «إنّ في الجنّة مائة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله ، ما بين الدّرجتين كما بين السّماء والأرض ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ؛ فإنّه أوسط الجنّة وأعلى الجنّة ، وفوقه عرش الرّحمن ، ومنه تفجّر أنهار الجنّة» (١) انتهى.
وقوله تعالى : (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) «الحول» بمعنى المتحوّل.
قال مجاهد : متحوّلا (٢) :
(قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً)(١٠٩)
وأما قوله سبحانه : (قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي ...) الآية : فروي أن سبب الآية أنّ اليهود قالت للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : كيف تزعم أنّك نبيّ الأمم كلّها وأنّك أعطيت ما يحتاجه النّاس من العلم ، وأنت مقصّر ، قد سئلت عن الرّوح ، فلم تجب فيه؟ ، ونحو هذا من القول ؛ فأنزل الله الآية معلمة باتساع معلومات الله عزوجل ، وأنها غير متناهية ، وأن الوقوف دونها ليس ببدع ، فالمعنى : لو كان البحر مدادا تكتب به معلوماته تعالى ، لنفد قبل أن يستوفيها ، «وكلمات ربّي» هي المعاني القائمة بالنّفس ، وهي المعلومات ، ومعلومات الله عزوجل لا تتناهى والبحر متناه ضرورة ، وذكر الغزّاليّ في آخر «المنهاج» أن المفسّرين يقولون في قوله تعالى : (لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) ، أن هذه هي الكلمات التي يقول الله عزوجل لأهل الجنّة في الجنّة باللّطف والإكرام ، مما لا تكيّفه الأوهام ، ولا يحيط به علم مخلوق ، وحقّ أن يكون ذلك كذلك ، وهو عطاء العزيز العليم ؛ على مقتضى الفضل العظيم ، والجود الكريم ، ألا لمثل هذا فليعمل العاملون. انتهى.
وقوله : (مَدَداً) ، أي زيادة.* ت* : وكذا فسّره الهرويّ ولفظه : وقوله تعالى : (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) ، أي زيادة انتهى.
(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)
__________________
(١) أخرجه البخاري (٦ / ١٤) كتاب «الجهاد» باب : درجات المجاهدين في سبيل الله ، حديث (٢٧٩٠) من حديث أبي هريرة.
(٢) أخرجه الطبري (٣ / ٢٩٨) برقم : (٢٣٤١٨) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥٤٦) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣ / ٤٥٨) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.