لغيره ، و (الصُّورِ) في قول الجمهور وظاهر الأحاديث الصّحاح : هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل للقيامة (١).
(وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً (١٠٠) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (١٠١) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً (١٠٢) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (١٠٤) أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (١٠٥) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً)(١٠٦)
وقوله سبحانه : (وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً) معناه / أبرزناها لهم ؛ لتجمعهم وتحطّمهم ، ثم أكّد بالمصدر عبارة عن شدّة الحال.
وقوله : (أَعْيُنُهُمْ) كناية عن البصائر ، والمعنى : الذين كانت فكرهم بينها ، وبين ذكري والنّظر في شرعي ـ حجاب ، وعليها غطاء (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) يريد لإعراضهم ونفارهم عن دعوة الحق ، وقرأ الجمهور (٢) ، «أفحسب الّذين كفروا» ـ بكسر السين ـ بمعنى «أظنّوا» وقرأ علي بن أبي طالب (٣) وغيره وابن كثير ، بخلاف عنه : «أفحسب» بسكون السين وضمّ الباء ، بمعنى «أكافيهم ومنتهى غرضهم» ، وفي مصحف ابن مسعود (٤) : «أفظنّ الّذين كفروا» وهذه حجة لقراءة الجمهور.
وقوله : (أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي) قال جمهور المفسّرين : يريد كلّ من عبد من دون الله ؛ كالملائكة وعزير وعيسى ، والمعنى : أن الأمر ليس كما ظنّوا ، بل ليس لهم من ولاية هؤلاء المذكورين شيء ، ولا يجدون عندهم منتفعا و (أَعْتَدْنا) معناه : يسّرنا ، و «النّزل» موضع النزول ، و «النّزل» أيضا : ما يقدّم للضيف أو القادم من الطّعام عند نزوله ، ويحتمل أن يريد بالآية هذا المعنى : أنّ المعدّ لهؤلاء بدل النّزل جهنّم ، والآية تحتمل الوجهين ، ثم قال
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٥٤٥) ، و «الدر المصون» (٤ / ٤٨٤)
(٣) وقرأ بها ابن عباس ، وابن يعمر ، والحسن ، ومجاهد ، وعكرمة ، وقتادة ، ونعيم بن ميسرة ، والضحاك ، ويعقوب ، وابن أبي ليلى.
ينظر : «المحتسب» (٢ / ٣٤) ، و «الكشاف» (٢ / ٧٤٩) ، و «المحرر الوجيز» (٣ / ٥٤٥) ، و «البحر المحيط» (٦ / ١٥٧) ، وزاد نسبتها إلى ابن محيصن ، وأبي حيوة ، والشافعي ، ومسعود بن صالح ، وينظر : «الدر المصون» (٤ / ٤٨٤) ، و «الشواذ» ص : (٨٥)
(٤) ينظر : «الكشاف» (٢ / ٧٤٩) ، و «المحرر الوجيز» (٣ / ٥٤٥) ، و «البحر المحيط» (٦ / ١٥٧)