وقوله سبحانه : (ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ) الإشارة إلى الأمر بجملته.
وقوله سبحانه : (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ ...) الآية : ذكر بعض المفسّرين أن تقليبهم إنما كان حفظا من الأرض ، وروي عن ابن عبّاس ، أنه قال لو مسّتهم الشمس ، لأحرقتهم ، ولو لا التقليب ، لأكلتهم (١) الأرض ، وظاهر كلام المفسّرين أن التقليب كان بأمر الله وفعل ملائكته ، ويحتمل أن يكون ذلك بإقدار الله إياهم على ذلك ، وهم في غمرة النّوم.
وقوله : (وَكَلْبُهُمْ) : أكثر المفسّرين على أنه كلب حقيقة.
قال* ع (٢) * : وحدّثني أبي رحمهالله قال : سمعت أبا الفضل بن الجوهري في جامع مصر يقول على منبر وعظه سنة تسع وستّين وأربعمائة : من أحبّ أهل الخير ، نال من بركتهم ، كلب أحبّ أهل الفضل ، وصحبهم ، فذكره الله في محكم تنزيله.
و «الوصيد» العتبة التي لباب الكهف أو موضعها إن لم تكن ، وقال ابن عباس : «الوصيد» (٣) الباب والأول أصحّ ، والباب الموصد هو المغلق ، ثم ذكر سبحانه ما حفّهم به من الرّعب ، واكتنفهم من الهيبة ، حفظا منه سبحانه لهم ، فقال : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ ...) الآية.
(وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً (١٩) إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (٢٠) وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً)(٢١)
وقوله سبحانه : (وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ) الإشارة ب «ذلك» إلى الأمر الذي ذكره الله في جهتهم ، والعبرة التي فعلها فيهم ، «والبعث» : التحريك عن سكون ، واللام في قوله : (لِيَتَساءَلُوا) لام الصيرورة ، وقول القائل : (كَمْ لَبِثْتُمْ) يقتضي أنه هجس في خاطره
__________________
(١) أخرجه الطبري (٨ / ١٩٤) برقم : (٢٢٩٤٤) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥٠٤) ، وابن كثير (٣ / ٧٦) بنحوه.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٥٠٤)
(٣) أخرجه الطبري (٨ / ١٩٥) برقم : (٢٢٩٥٥) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٥٠٤) ، والبغوي (٣ / ١٥٤) ، وابن كثير (٣ / ٧٦) ، والسيوطي (٤ / ٣٩٢) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر.