نزل عليهم (١) ، وقالت فرقة : متّبعهم من هاد أو مضلّ ، ولفظة «الإمام» تعمّ هذا كلّه.
وقوله سبحانه : (فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) : حقيقة في أن في القيامة صحائف تتطاير ، وتوضع في الأيمان لأهل الأيمان ، وفي الشمائل لأهل الكفر والخذلان ، وتوضع في أيمان المذنبين الذين ينفذ عليهم الوعيد ، فيستفيدون منها أنهم غير مخلّدين في النار.
وقوله سبحانه : (يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ) : عبارة عن السرور بها ، أي : يردّدونها ويتأمّلونها.
وقوله سبحانه : (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) أي : ولا أقلّ ، وقوله سبحانه : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى) : قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن زيد : الإشارة ب (هذِهِ) إلى الدنيا ، أي : من كان في هذه الدار أعمى عن النظر في آيات الله وعبره ، والإيمان بأنبيائه (٢) ، فهو في الآخرة أعمى ؛ على معنى أنه حيران لا يتوجّه لصواب ولا يلوح له نجح. قال مجاهد : فهو في الآخرة أعمى عن حجّته (٣) ، ويحتمل أن يكون صفة تفضيل ، أي : أشدّ عمى وحيرة ؛ لأنه قد باشر الخيبة ورأى مخايل العذاب ؛ ويقوّي هذا التّأويل قوله ، عطفا عليه : (وَأَضَلُّ سَبِيلاً) الذي هو «أفعل من كذا» والعمى في هذه الآية هو عمى القلب ، وقول سيبويه : لا يقال أعمى من كذا ، إنما هو في عمى العين الذي لا تفاضل فيه ، وأما في عمى القلب ، فيقال ذلك ؛ لأنه يقع فيه التفاضل* ت* : وكذا قال* ص* وقوله سبحانه : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ ...) الآية : الضمير في قوله : (كادُوا) هو لقريش ، وقيل : لثقيف ، فأما لقريش ، فقال ابن جبير ومجاهد : نزلت الآية ، لأنهم قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم لا ندعك تستلم الحجر الأسود حتى تمسّ أيضا أوثاننا على معنى التشرّع (٤) ، وقال ابن إسحاق وغيره : إنهم اجتمعوا إليه ليلة ، فعظّموه ، وقالوا له : أنت سيّدنا ، ولكن أقبل على بعض أمرنا ، ونقبل على بعض أمرك ، فنزلت الآية في ذلك (٥).
__________________
ـ وابن عطية (٣ / ٤٧٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ٥٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٥١) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر.
(١) أخرجه الطبري (٨ / ١١٦) برقم : (٢٢٥٢٦) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٧٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ٥٢)
(٢) أخرجه الطبري (٨ / ١١٧) برقم : (٢٢٥٣٠) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٧٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ٥٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٥٢) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر.
(٣) أخرجه الطبري (٨ / ١١٨) برقم : (٢٢٥٣٥) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٧٤)
(٤) أخرجه الطبري (٨ / ١١٨) برقم : (٢٢٥٣٦) ، وذكره البغوي (٣ / ١٢٦) ، وابن عطية (٣ / ٤٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٥٢) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم.
(٥) ذكره ابن عطية (٣ / ٤٧٥)