لكان ذلك شبهة يدرأ بها الحدّ عمّن ظهر بها حبل من النساء اللواتي لا أزواج لهنّ ؛ لاحتمال أن يكون حبلها من الجنّ ؛ كما زعم هذا القائل ، وهو باطل ، وأما ما ذكره من الوطء ، فقد قيل ذلك ؛ وظواهر الأحاديث تدلّ عليه ، وقد خرّج البخاريّ ومسلم وأبو داود والترمذيّ والنسائي وابن ماجه ، عن ابن عبّاس ، قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «لو أنّ أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : باسم الله ، اللهمّ جنّبنا الشّيطان ، وجنّب الشّيطان ما رزقتنا ، فإنّه إن يقدّر بينهما ولد في ذلك ، لم يضرّه الشّيطان أبدا» (١) فظاهر قوله عليهالسلام : «اللهمّ ، جنّبنا الشّيطان وجنّب الشّيطان ما رزقتنا» ـ يقتضي أنّ لهذا اللعين مشاركة ما في هذا الشأن ، وقد سمعت من شيخنا أبي الحسن عليّ بن عثمان الزّواويّ المانجلاتيّ سيّد علماء بجاية في وقته ، قال : حدّثني بعض الناس ممّن يوثق به يخبر عن زوجته ؛ أنها تجد هذا الأمر ، قال المخبر : وأصغيت إلى ما أخبرت به الزوجة ، فسمعت حسّ ذلك الشيء ، والله أعلم.
(رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٦٦) وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (٦٧) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (٦٨) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً)(٦٩)
وقوله سبحانه : (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ) : إزجاء الفلك : سوقه بالريح الليّنة والمجاذيف ، و (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) لفظ يعمّ التّجر وغيره ، وهذه الآية المباركة
__________________
(١) أخرجه البخاري (١ / ٢٩١) كتاب «الوضوء» باب : التسمية على كل حال وعند الوقاع ، حديث (١٤١) ، وفي (٦ / ٣٨٨) ، كتاب «بدء الخلق» باب : صفة إبليس ، وجنوده ، حديث (٣٢٨٣) ، وفي (٩ / ١٣٦) كتاب «النكاح» باب : ما يقول الرجل إذا أتى أهله ، حديث (٥١٦٥) ، وفي (١٠ / ١٩٥) كتاب «الدعوات» باب : ما يقول إذا أتى أهله ، حديث (٦٣٨٨) ، وفي (١٣ / ٣٩٠ ـ ٣٩١) ، كتاب «التوحيد» باب : السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها ، حديث (٧٣٩٦) ، ومسلم (٢ / ١٠٥٨) كتاب «النكاح» باب : ما يستحب أن يقوله عند الجماع ، حديث (١٦ / ١٤٣٤) ، وأبو داود (٢ / ٦٥٥) كتاب «النكاح» باب : في جامع النكاح ، حديث (٢١٦١) ، والترمذي (٣ / ٣٩٢) كتاب «النكاح» باب : ما يقول إذا دخل على أهله ، حديث (١٠٩٢) ، والنسائي في «الكبرى» (٦ / ٧٥) كتاب «عمل اليوم والليلة» باب : ما يقول إذا واقع أهله ، وابن ماجه (١ / ٦١٨) كتاب «النكاح» باب : ما يقول الرجل إذا دخلت عليه أهله ، حديث (١٩١٩) ، وأحمد (١ / ٢١٧ ، ٢٢٠ ، ٢٤٣ ، ٢٨٣ ، ٢٨٦) ، وابن أبي شيبة (١٠ / ٣٩٤) ، وعبد الرزاق (٦ / ١٩٤) رقم : (١٠٤٦٦) ، وابن حبان (٩٨٤ ـ الإحسان) ، والبغوي في «شرح السنة» (٣ / ١٢٣ ـ بتحقيقنا). كلهم من طريق كريب ، عن ابن عباس مرفوعا. وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.