وقوله : (بِحَمْدِهِ) قال ابن جبير : إن جميع العالمين يقومون ، وهم يحمدون الله ويمجّدونه ، لما يظهر لهم من قدرته (١) * ص* : أبو البقاء (بِحَمْدِهِ) أي : حامدين ، وقيل : (بِحَمْدِهِ) من قول الرسول ، أي : وذلك بحمد الله على صدق خبري ، ووقع في لفظ* ع* حين قرر هذا المعنى : «عسى أن الساعة قريبة» وهو تركيب لا يجوز ؛ لا تقول : عسى أنّ زيدا قائم انتهى.
وقوله سبحانه : (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) يحتمل معنيين.
أحدهما : أنهم لمّا رجعوا إلى حالة الحياة ، وتصرّف الأجساد ، وقع لهم ظنّ أنهم لم ينفصلوا عن حال الدّنيا إلا قليلا لمغيب علم مقدار الزمان عنهم ؛ إذ من في الآخرة لا يقدّر زمن الدنيا ؛ إذ هم لا محالة أشدّ مفارقة لها من النائمين ، وعلى هذا التأويل عوّل الطبري (٢).
والآخر : أن يكون الظنّ بمعنى اليقين ، فكأنه قال : يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده ، وتتيقنون أنّكم إنما لبثتم قليلا من حيث هو منقض منحصر.
وحكى الطبريّ عن قتادة أنهم لما رأوا هول يوم القيامة ، احتقروا / الدّنيا ، فظنوا أنهم لبثوا فيها قليلا (٣).
(وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً (٥٣) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (٥٤) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً)(٥٥)
وقوله سبحانه : (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) اختلف الناس في (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : فقالت فرقة : هي لا إله إلا الله ؛ وعلى هذا ، ف «العباد» : جميع الخلق ، وقال الجمهور (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : هي المحاورة الحسنة ، بحسب معنى معنى ، قال الحسن يقول : يغفر الله لك ، يرحمك الله (٤) وقوله : (لِعِبادِي) خاص بالمؤمنين ، قالت فرقة : أمر
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٣ / ٤٦٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٣٩) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(٢) ينظر : «الطبري» (٨ / ١٠٣)
(٣) أخرجه الطبري (٨ / ٩٣) برقم : (٢٢٣٦٩) ، وذكره البغوي (٣ / ١١٩) ، وابن عطية (٣ / ٤٦٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٤٠) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم.
(٤) أخرجه الطبري (٨ / ٩٣) برقم : (٢٢٣٧٠) ، وذكره البغوي (٣ / ١١٩) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٤ / ٤٦٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٤٠) ، وعزاه لابن جرير.