المنتظر ، وهذا قول ابن عباس (١) وغيره ، والميسور : من اليسر.
(وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (٢٩) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً)(٣٠)
وقوله سبحانه : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ) استعارة لليد المقبوضة عن الانفاق جملة ، واستعير لليد التي تستنفذ جميع ما عندها غاية البسط ضدّ الغلّ ، وكلّ هذا في إنفاق الخير ، وأما إنفاق الفساد ، فقليله وكثيره حرام ، أو الملامة هنا لاحقة ممن يطلب من المستحقين ، فلا يجد ما يعطى ، «والمحسور» الذي قد استنفدت قوته ، تقول : حسرت البعير ؛ إذا أتعبته حتى لم تبق له قوة ؛ ومنه البصر الحسير.
قال ابن العربيّ (٢) وهذه الآية خطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والمراد أمته ، وكثيرا ما جاء هذا المعنى في القرآن ، فإن النبي صلىاللهعليهوسلم لمّا كان سيّدهم وواسطتهم إلى ربّهم ، عبّر به عنهم ، على عادة العرب في ذلك. انتهى من «الأحكام» ، و «الحسير» : هو الكالّ.
(إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) معنى (يَقْدِرُ) : يضيّق.
وقوله سبحانه : (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) ، أي : يعلم مصلحة قوم في الفقر ، ومصلحة آخرين في الغنى.
وقال بعض المفسّرين : الآية إشارة إلى حال العرب التي كانت يصلحها الفقر ، وكانت إذا شبعت ، طغت.
* ت* : وهذا التأويل يعضده قوله تعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ ...) الآية [الشورى : ٢٧] ولا خصوصيّة لذكر العرب إلا من حيث ضرب المثل.
(وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (٣١) وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً (٣٢) وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (٣٣) وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً (٣٤) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)(٣٥)
وقوله سبحانه : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ ...) الآية : نهي عن الوأد الذي
__________________
(١) أخرجه الطبري (٨ / ٧٠) برقم : (٢٢٢٥٩) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٥٠) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٣٢١) ، وعزاه لابن جرير.
(٢) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١٢٠٤)