ومفهوم الشرط (١) ، مثل : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ) [الطلاق : ٦]
__________________
وقد اختلف في الحكم على المشتقّ نحو : «في السّائمة زكاة» هل ذلك يجري مجرى المقيد بالصفة مثل : «في الغنم السّائمة زكاة»؟
فقيل : لا يجري مجراه لاختلال الكلام بدونه ، فيكون كاللقب.
وقيل : إنه يجري مجراه لدلالته على السّوم الزائد على الذات ، بخلاف اللقب ، فيفيد نفي الزكاة عن المعلوفة مطلقا ، كما يفيد إثباتها للسائمة مطلقا ، ويؤخذ من كلام ابن السمعاني ، كما قال الجلال المحليّ : إن الجمهور على الثاني حيث قال : «الاسم المشتق ، كالمسلم ، والكافر والقاتل ، والوارث يجري مجرى المقيد بالصفة عند الجمهور ، قال شيخ الإسلام : وهو قوي ؛ لأن تعريف الوصف صادق عليه.
غايته أن الموصوف مقدر ، وذكر الموصوف أو تقديره لا تأثير له فيما نحن بصدده ، وذلك نحو قوله صلىاللهعليهوسلم : الثّيّب أحقّ بنفسها من وليّها» فمنطوقه ثبوت أحقية الثيب في تزويج نفسها من وليها ، ومفهومه المخالف عدم أحقّية غير الثيب ، وهي البكر في تزويج نفسها ؛ لانتفاء الصفة التي علّق بها الحكم ، وهي الثيوبة. ينظر : «البحر المحيط» للزركشي (٤ / ٣٠) ، و «الإحكام في أصول الأحكام» للآمدي (٣ / ٦٦) ، و «التمهيد» للأسنوي (٣٤٥) ، و «نهاية السول» له (٢ / ٢٠٥) ، و «غاية الوصول» للشيخ زكريا الأنصاري (٣٩) ، و «المنخول» للغزالي (٢١٣) ، و «حاشية البناني» (١ / ٢٤٩) ، و «الإبهاج» لابن السبكي (١ / ٣٧٠) ، و «الآيات البينات» لابن قاسم العبادي (٢ / ٢٦) ، و «حاشية العطار على جمع الجوامع» (١ / ٣٢٦) ، و «حاشية التفتازاني» والشريف على «مختصر المنتهى» (٢ / ١٧٤) ، و «شرح التلويح على التوضيح» لسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني (١ / ١٤٣) ، و «ميزان الأصول» للسمرقندي (١ / ٥٧٩) ، و «نشر البنود» للشنقيطي (١ / ٩٦) ، وينظر : «العدة» (٢ / ٤٥٣) ، و «التبصرة» (٢١٨) ، و «المنخول» (٢٠٨) ، و «المسودة» (٣٥١ ، ٣٦٠)
(١) مفهوم الشّرط هو : ما يفهم من تعليق الحكم على شيء بأداة شرط ك «إن» ، و «إذا» ؛ مما يدل على سببية الأول ، ومسبّبيّة الثاني ، كما في قوله عزوجل : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) [الطلاق : ٦] ؛ فإنه يفهم منه عند القائلين بمفهوم المخالفة أو غير أولات الأحمال من المطلقات طلاقا بائنا ـ لا يجب الإنفاق عليهنّ ، لأن المشروط ينتفي شرطه ، وإنما قيدنا الطلاق ب «البائن» ؛ لأن المطلقة طلاقا رجعيّا يجب الإنفاق عليها في العدة ، حاملا كانت أو لا ؛ بالإجماع ، والخلاف إنما هو في المبانة.
«والشرط في اللّغة» : هو العلامة ، وجاء منه أشراط الساعة ، أي : علاماتها ، وفي العرف العام : ما يتوقّف عليه وجود الشّيء ، وفي اصطلاح المتكلمين : ما يتوقف عليه تحقق الشيء ، ولا يكون في ذلك الشيء ، ولا مؤثرا فيه.
«وفي اصطلاح النحاة» : ما دخل عليه شيء من الأدوات المخصوصة الدالّة على سببية الأول ومسببية الثاني ذهنا أو خارجا ، سواء كان علّة للجزاء ؛ مثل : «إن كانت الشمس طالعة ، فالنهار موجود» ـ أو معلولا ؛ مثل : «إن كان النهار موجودا ، فالشمس طالعة» أو غير ذلك ؛ مثل : إن دخلت الدّار ، فأنت طالق».
ويسمى شرطا لغويا أيضا ؛ لأن المركب من «إن» وأخواتها ، ومن مدخولها ـ لفظ مركب وضع لمعنى يعرف من اللغة ، وإن كان النحوي يبحث عنه من وجه آخر ، وهو المقصود بالذات ، هنا لا الشرعي ـ