قال السدي : وكانوا بالأحقاف ، وهي الرمال ، وكانت بلادهم أخصب بلاد ، فردها الله صحارى (١).
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إن قبر هود عليهالسلام هنالك في كثيب أحمر تخالطه مدرة ذات أراك وسدر ، وكانوا قد فشوا في جميع الأرض ، وملكوا كثيرا بقوّتهم وعددهم ، وظلموا النّاس وكانوا ثلاثة عشر قبيلة ، وكانوا أصحاب أوثان ، فبعث الله إليهم هودا من أفضلهم وأوسطهم نسبا ، فدعاهم إلى توحيد الله سبحانه وإلى ترك (٢) الظّلم.
قال ابن إسحاق : ولم يأمرهم فيما يذكر بغير (٣) ذلك ، فكذبوه وعتوا ، واستمروا على ذلك إلى أن أراد الله إنفاذ أمره أمسك عنهم المطر ثلاث سنين ، فشقوا بذلك ، وكان الناس في ذلك الزمان إذا دهمهم أمر ، فزعوا إلى المسجد الحرام ب «مكّة» فدعوا الله فيه تعظيما له مؤمنهم وكافرهم ، وأهل «مكة» يومئذ العماليق ، وسيدهم رجل يسمى معاوية بن بكر ، فاجتمعت عاد على أن تجهز منهم وفدا إلى «مكة» يستسقون الله لهم ، فبعثوا قيل بن عنز ، ولقيم بن هزال ، وعتيل بن ضد بن عاد الأكبر ، ومرثد بن سعد ، وكان هذا مؤمنا يكتم إيمانه ، وجلهمة بن الخيبري في سبعين رجلا من قومهم ، فلما قدموا «مكة» نزلوا على معاوية بن بكر ، وهو بظاهر «مكة» خارج الحرم ، فأنزلهم ، وأقاموا عنده شهرا يشربون الخمر ، وتغنيهم الجرادتان قينتا معاوية ، ولما رأى معاوية إقامتهم ، وقد بعثهم عاد للغوث أشفق على عاد ، وكان ابن أختهم أمه : كلهدة ابنة الخيبري أخت جلهمة ، وقال : هلك أخوالي ، وشق عليه أن يأمر أضيافه بالانصراف عنه ، فشكا ذلك إلى قينتيه ، فقالتا : اصنع شعرا نغني به ، عسى أن ننبّههم ، فقال : [الوافر]
ألا يا قيل ويحك قم فهينم |
|
لعلّ الله يصبحنا غماما |
فيسقي أرض عاد إنّ عادا |
|
قد امسوا لا يبينون الكلاما |
من العطش الشّديد فليس نرجو |
|
به الشّيخ الكبير ولا الغلاما |
وقد كانت نساؤهم بخير |
|
فقد أمست / نساؤهم عيامى |
__________________
(١) أخرجه الطبري (٥ / ٥٢٤) برقم : (١٤٨١٠) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤١٨) ، والسيوطي (٣ / ١٧٨) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٢) ذكره ابن عطية (٢ / ٤١٨) ، وابن كثير (٢ / ٢٢٤) بنحوه.
(٣) أخرجه الطبري (٥ / ٥٢٤) برقم : (١٤٨١٢) ، وذكره ابن عطية (٢ / ٤١٨) ، والسيوطي (٣ / ١٧٨) ، وعزاه لإسحاق بن بشر ، وابن عساكر.