الحسن وعلي بن أبي طالب : هي القناعة (١).
قال* ع (٢) * : والذي أقول به أنّ طيب الحياة اللازم للصالحين إنما هو بنشاط نفوسهم ونبلها وقوّة رجائهم ، والرّجاء للنّفس أمر ملذّ ، فبهذا تطيب حياتهم ، وأنهم احتقروا الدنيا ، فزالت همومها عنهم ، فإن انضاف إلى هذا مال حلال ، وصحّة أو قناعة ، فذلك كمال ، وإلا فالطّيب فيما ذكرناه راتب.
وقوله سبحانه : (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ) الآية : وعد بنعيم الجنّة.
قال أبو حيّان : وروي عن نافع : «وليجزينّهم» بالياء ؛ التفاتا من ضمير المتكلّم إلى ضمير الغيبة ، وينبغي أن يكون على تقدير قسم ثان لا معطوفا على «فلنحيينّه» ، فيكون من عطف جملة قسميّة على جملة قسميّة ، وكلتاهما محذوفة ، وليس من عطف جواب ، لتغاير الإسناد. انتهى (٣).
(فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ)(١٠٠)
وقوله سبحانه : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ ...) الآية : التقدير فإذا أخذت في قراءة القرآن ، والاستعاذة ندب ، وعن عطاء أنّ التعوّذ واجب (٤) ، ولفظ الاستعاذة هو على رتبة هذه الآية ، والرجيم : المرجوم باللّعنة ، وهو إبليس ثم أخبر تعالى أنّ إبليس ليس له ملكة ولا رياسة ، هذا ظاهر السّلطان عندي في هذه الآية ، وذلك أن السلطان إن جعلناه الحجّة ، فليس لإبليس حجة في الدنيا على أحد لا على مؤمن ولا على كافر ، إلا أن يتأول متأوّل : ليس له سلطان يوم القيامة ، فيستقيم أن يكون بمعنى الحجّة ؛ لأن إبليس له حجّة على الكافرين ؛ أنّه دعاهم بغير دليل ، فاستجابوا له من قبل أنفسهم ، و (يَتَوَلَّوْنَهُ) : معناه يجعلونه وليّا ، والضمير في «به» يحتمل أن يعود على اسم الله عزوجل ، والظاهر أنه يعود على اسم العدوّ الشيطان ، بمعنى من أجله ، وبسببه ، فكأنه قال : والّذين هم بسببه مشركون
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٦٤٢) برقم : (٢١٩٠١ ـ ٢١٩٠٢) ، وذكره البغوي (٣ / ٨٣) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤١٩) ، وذكره ابن كثير (٢ / ٥٨٥)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٤١٩)
(٣) ينظر : «البحر» لأبي حيان (٥ / ٥١٧)
(٤) ذكره ابن عطية (٣ / ٤٢٠) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٤٥) ، وعزاه لعبد الرزاق في «المصنف» ، وابن المنذر.