ينتجعون ، وهي تتبعهم (١) وقرأ : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً ...) [يس : ٧١] الآية ، ويحتمل أن يكون حالا من «السّبل» ، أي : مسّهلة مستقيمة ؛ قاله مجاهد (٢) ، لا يتوعّر عليها سبيل تسلكه.
ثم ذكر تعالى ؛ على جهة تعديد النعمة ، والتنبيه على العبرة ـ أمر العسل في قوله : (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ) ، وجمهور الناس على أنّ العسل يخرج من أفواه النّحل ، واختلاف الألوان في العسل بحسب اختلاف النّحل والمراعي ، أي والفصول.
* ت* : قال الهرويّ : قوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) ، وذلك أنه يستحيل في بطونها ، ثم تمجّه من أفواهها انتهى.
وقوله : (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) الضمير للعسل ؛ قاله الجمهور : / قال ابن (٣) العربيّ في «أحكامه» ؛ وقد روى الأئمة ، واللفظ للبخاريّ ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحبّ الحلواء والعسل (٤) ، وروى أبو سعيد الخدريّ : أنّ رجلا أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : إنّ أخي يشتكي بطنه فقال : «اسقه عسلا» ، ثم أتاه الثّانية ، فقال : «اسقه عسلا» ، ثمّ أتاه فقال : فعلت فما زاده ذلك إلّا استطلاقا ، فقال عليهالسلام : «صدق الله وكذب بطن أخيك ، اسقه عسلا» فسقاه ، فبرأ (٥) ، وروي أنّ عوف بن مالك الأشجعيّ مرض ، فقيل له : ألا نعالجك؟ فقال : ائتوني بماء سماء ، فإنّ الله تعالى يقول : (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) [ق : ٩]
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٦١٣) برقم : (٢١٧٤٩) بنحوه ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٠٦) ، وابن كثير (٢ / ٥٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٣٠) ، وعزاه لابن أبي حاتم.
(٢) ذكره البغوي (٢ / ٧٦) ، وابن عطية (٣ / ٤٠٦)
(٣) ينظر : «أحكام القرآن» (٣ / ١١٥٧)
(٤) أخرجه البخاري (٩ / ٥٥٧) كتاب «الأطعمة» باب : الحلوى والعسل ، حديث (٥٤٣١) ، ومسلم (٢ / ١١٠١) كتاب «الطلاق» باب : وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق ، حديث (٢١ / ١٤٧٤) ، وأبو داود (٢ / ٣٦١) ، كتاب «الأشربة» باب : في شراب العسل ، حديث (٣٧١٥) ، والترمذي (٤ / ٢٧٣ ـ ٢٧٤) كتاب «الأطعمة» باب : ما جاء في حب النبي صلىاللهعليهوسلم الحلواء والعسل ، حديث (١٨٣١) ، وفي الشمائل (١٦٤) ، وابن ماجه (٢ / ١١٠٤) كتاب «الأطعمة» باب : الحلواء ، حديث (٣٣٢٣) ، والدارمي (٢ / ١٠٧) ، وأحمد (٦ / ٥٩) وأبو الشيخ في «أخلاق النبي» ص : (٢٠٣) ، والبغوي في «شرح السنة» (٦ / ٨٤ ـ بتحقيقنا) ، كلهم من طريق هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة به ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح غريب.
(٥) أخرجه البخاري (١٠ / ١٣٩) كتاب «الطب» باب : الدواء بالعسل ، حديث (٥٦٨٤) ، ومسلم (٤ / ١٧٣٦) كتاب «السلام» باب : التداوي بسقي العسل ، حديث (٩١ / ٢٢١٧) ، وأحمد (٣ / ١٩) ، والبيهقي (٩ / ٣٤٤) ، وفي «دلائل النبوة» (٦ / ١٦٤) ، والبغوي في «شرح السنة» (٦ / ٢٤٩ ـ بتحقيقنا)