(لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ) مبالغة في حسن الأدب ، والإعراض عن الجفاء منهم ، وتناول رفيق ، وسعة صدر حسب ما تقتضيه خلق النبوة.
وقوله : (وَلكِنِّي رَسُولٌ) تعرض لمن يريد النظر ، والبحث ، والتأمل في المعجزة.
وقوله عليهالسلام : (وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) لفظ مضمّنة الوعيد ، لا سيما وهم لم يسمعوا قطّ بأمة عذبت.
وقوله : (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ).
الاستفهام هنا على جهة التقرير والتوبيخ ، وقوله : (عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ) قيل : «على» بمعنى «مع».
وقيل : هو على حذف مضاف ، تقديره : على لسان رجل ، ويحتمل أن يكون معناه منزّل على رجل منكم ؛ إذ كل ما يأتي من الله سبحانه فله حكم النزول ، و (لَعَلَّكُمْ) ترجّ بحسب حال نوح ومعتقده.
وقوله سبحانه : (فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ ...) الآية.
وفي التفسير : إن الذين كانوا مع نوح في السفينة أربعون رجلا.
وقيل : ثمانون رجلا وثمانون امرأة وقيل : عشرة وقيل : ثمانية. قاله قتادة.
وقيل : سبعة. والله أعلم.
وفي كثير من كتب الحديث ؛ التّرمذي وغيره أن جميع الخلق الآن من ذرّيّة نوح عليهالسلام وقوله : (عَمِينَ) جمع عم ، ويريد عميّ البصائر ، وأتى في حديث الشفاعة وغيره أن نوحا أوّل الرسل (١).
(وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٦٥) قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٦٦) قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفاهَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦٧) أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ
__________________
(١) تقدم تخريجه.