قبل الظّهر بعد الزّوال تحسب بمثلهنّ في صلاة السّحر» ، قال : «وليس شيء إلّا يسبّح لله تلك السّاعة» ، وقرأ : (يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ ...) (١) الآية كلّها. انتهى (٢). و «الدّاخر» : المتصاغر المتواضع.
وقوله سبحانه : (يَخافُونَ رَبَّهُمْ) : عامّ لجميع الحيوان ، و (مِنْ فَوْقِهِمْ) : يريد : فوقية القدر والعظمة والقهر.
وقوله سبحانه : (وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : (السَّماواتِ) هنا : كلّ ما ارتفع من الخلق من جهة فوق ، فيدخل في ذلك العرش والكرسيّ وغيرهما ، و (الدِّينُ) : الطاعة والملك ، و «الواصب» : الدائم ؛ قاله ابن عباس (٣).
ثم ذكّر سبحانه بنعمه ، ثم ذكّر بأوقات المرض ، والتجاء العباد إليه سبحانه ، و «الضّرّ» ، وإن كان يعمّ كل مكروه ، فأكثر ما يجيء عن أرزاء البدن ، و (تَجْئَرُونَ) معناه : ترفعون أصواتكم باستغاثة وتضرّع.
(ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥) وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ)(٥٦)
(ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) : الفريق ، هنا : يراد به المشركون الذين يرون أن للأصنام أفعالا من شفاء المرضى ، وجلب النفع ، ودفع الضرّ ، فهم إذا شفاهم الله ، عظّموا أصنامهم ، وأضافوا ذلك الشفاء إليها.
وقوله سبحانه : (لِيَكْفُرُوا) : يجوز أن تكون اللام لام الصيرورة ، ويجوز أن تكون لام أمر ؛ على معنى التهديد.
وقوله : (بِما آتَيْناهُمْ) : أي : بما أنعمنا عليهم.
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٢٩٩) كتاب «التفسير» باب : ومن سورة النحل ، حديث (٣١٢٨) من حديث عمر ، وقال الترمذي : هذا حديث غريب.
(٢) أخرجه الترمذي (٥ / ٢٩٩) كتاب «التفسير» باب : ومن سورة النحل ، حديث (٣١٢٨) من طريق علي بن عاصم ، عن يحيى البكاء ، حدثني عبد الله بن عمر ، عن عمر بن الخطاب به.
وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن عاصم.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٢٤) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ.
(٣) أخرجه الطبري (٧ / ٥٩٥) برقم : (٢١٦٤٢) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٤٠٠) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٥٧٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٢٢٥) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.