قال* ع (١) * : كأنه جعله بمنزلة قوله : ربّ بقدرتك عليّ ، وقضائك ، ويحتمل أن تكون باء السّبب.
(قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (٤٢) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ)(٤٤)
وقوله سبحانه : (هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ) : المعنى : هذا أمر إليّ يصير ؛ والعرب تقول : طريقك في هذا / الأمر على فلان ، أي : إليه يصير النظر في أمرك ، والآية تتضمّن وعيدا ، وظاهر قوله : (عِبادِي) : الخصوص في أهل الإيمان والتقوى ، فيكون الاستثناء منقطعا ، وإن أخذنا العباد عموما ، كان الاستثناء متصلا ، ويكون الأقلّ في القدر من حيث لا قدر للكفار ؛ والنظر الأول أحسن ، وإنما الغرض ألّا يقع في الاستثناء الأكثر من الأقل ، وإن كان الفقهاء قد جوّزوه.
وقوله : (لَمَوْعِدُهُمْ) : أي : موضع اجتماعهم ، عافانا الله من عذابه بمنّه ، وعاملنا بمحض جوده وكرمه.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٤٥) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (٤٦) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٧) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (٤٨) نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ)(٥٠)
وقوله سبحانه : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ادْخُلُوها بِسَلامٍ ...) الآية : السلام ؛ هنا : يحتمل أن يكون السّلامة ، ويحتمل أن يكون التحيّة ، والغل : الحقد ، قال الداوديّ : عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ ...) الآية ، قال : «إذا خلص المؤمنون من الصّراط ، حبسوا على صراط بين الجنّة والنّار ، فيقتصّ لبعضهم من بعض بمظالم كانت بينهم في الدّنيا ، حتّى إذا هذّبوا ونقّوا ، أذن لهم في دخول الجنّة ، والله ، لأحدهم أهدى بمنزله في الجنّة من منزله في الدّنيا» (٢). انتهى.
وال (سُرُرٍ) : جمع سرير ، و (مُتَقابِلِينَ) : الظاهر أن معناه : في الوجوه ، إذ الأسرّة متقابلة ، فهي أحسن في الرتبة.
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٣٦٢)
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٥٢١) رقم : (٢١٢٠٨) من حديث أبي سعيد الخدري ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٨٨) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه.