(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ)(٥٦)
وقوله سبحانه : (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ ...) الآية ألفاظها عامة تتضمن كل فساد قل أو كثر بعد صلاح قل أو كثر ، والقصد بالنهي هو [على] العموم ، وتخصيص شيء دون شيء ، في هذا تحكم إلا أن يقال على جهة المثال.
وقوله سبحانه : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) أمر بأن يكون الإنسان في حالة تقرب ، وتحرز ، وتأميل لله عزوجل حتى يكون الخوف والرجاء كالجناحين للطير يحملانه في طريق استقامة ، وإن انفرد أحدهما هلك الإنسان.
وقد قال كثير من العلماء : ينبغي أن يغلب الخوف الرّجاء طول الحياة ، فإذا جاء الموت غلب الرّجاء.
وقد رأى كثير من العلماء أن يكون الخوف أغلب على المرء بكثير ، وهذا كله طريق احتياط ، ومنه تمنّى الحسن البصري أن يكون الرّجل الذي هو آخر من يدخل (١) الجنّة ، وتمنى سالم مولى أبي حذيفة أن يكون من أصحاب الأعراف (٢).
ثم آنس سبحانه بقوله : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ).
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٥٧) وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ)(٥٨)
وقوله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً ...) الآية : هذه آية اعتبار ، واستدلال. وقرأ عاصم (٣) «الرياح» بالجمع ، «بشرا»
__________________
ـ كلهم من طريق حماد بن سلمة ، عن سعيد الجريري ، عن أبي دغامة ، عن عبد الله بن مغفل به. وأخرجه أحمد (٤ / ٨٦) من طريق حماد بن سلمة ، عن يزيد الرقاشي ، عن أبي دغامة ، عن ابن المغفل به.
(١) ذكره ابن عطية (٢ / ٤١١)
(٢) ذكره ابن عطية (٢ / ٤١١)
(٣) ينظر : «السبعة» (٢٨٣) ، و «الحجة» (٤ / ٣١ ، ٣٢) ، و «حجة القراءات» (٢٨٥) ، و «إعراب القراءات» (١ / ١٨٦) ، و «شرح شعلة» (٣٩١) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٢٩٩) ، و «العنوان» (٩٦) ، و «إتحاف» (٢ / ٥٣) ، و «معانى القراءات» (١ / ٤٠٨ ، ٤٠٩)