الرابع : المستقدمين : سائر الأمم ، والمستأخرين أمّة سيّدنا محمد صلىاللهعليهوسلم قاله مجاهد (١).
الخامس : قال الحسن : معناه : المتقدّمين في الطاعة ، والمستأخرين في المعصية (٢). انتهى.
* ت* : والحديث المتقدّم ، إن صحّ ، فلا بد من تأويله ، فإن الصحابة ينزّهون عن فعل ما ذكر فيه ، فيؤوّل بأنّ ذلك صدر من بعض المنافقين ، أو بعض الأعراب الذين قرب عهدهم بالإسلام ، ولم يرسخ الإيمان في قلوبهم ، وأما ابن عبّاس ، فإنه كان يومئذ / صغيرا بلا شك ، هذا إن كانت الآية مدنيّة ، فإن كانت مكيّة ، فهو يومئذ في سنّ الطفوليّة ، وبالجملة فالظاهر ضعف هذا الحديث من وجوه. انتهى ، وباقي الآية بيّن.
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦) وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (٢٧) وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٨) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٢٩) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣١) قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣٢) قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)(٣٣)
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) : يعني : آدم ، قال ابن عباس : خلق من ثلاثة : من طين لازب ، وهو اللازق الجيّد ، ومن صلصال ، وهو الأرض الطّيّبة يقع عليها الماء ، ثم ينحسر ؛ فيتشقّق وتصير مثل الخزف ، ومن حمإ مسنون ، وهو الطين فيه الحمأة (٣) ، وال (مَسْنُونٍ) : قال معمر : هو المنتن (٤) ، وهو من أسن الماء ؛ إذا تغيّر ، وردّ من جهة التصريف ، وقيل غير هذا ، وفي الحديث : «إنّ الله تعالى عزوجل خلق آدم من جميع أنواع التّراب : الطّيّب والخبيث ، والأسود والأحمر» (٥).
وقوله : (وَالْجَانَ) : يراد به : جنس الشياطين ، وسئل وهب بن منبّه عنهم ، فقال هم
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٥٠٩) برقم : (٢١١٢٩) ، وذكره البغوي (٤٨١٣)
(٢) أخرجه الطبري (٧ / ٥٠٩) برقم : (٢١١٣٢) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٣٥٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٨١) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري (٧ / ٥١١) برقم : (٢١١٤٧) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٣٥٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٨٢) ، وعزاه لابن جرير ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ في «العظمة».
(٤) أخرجه الطبري (٧ / ٥١١) برقم : (٢١١٦٠) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٣٥٩)
(٥) تقدم تخريجه من سورة البقرة.