وعن ابن عمر : الرّياح ثمان ، أربع رحمة ، وأربع عذاب ؛ فالرحمة : المرسلات ، والمبشّرات ، والنّاشرات ، والذّاريات ، وأما العذاب : فالصّرصر ، والعقيم ، والقاصف ، والعاصف ، وهما في البحر. انتهى.
وقوله جلّت عظمته : (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ ...) الآيات : هذه الآيات مع الآيات التي قبلها تضمّنت العبرة والدلالة على قدرة الله تعالى ، وما يوجب توحيده وعبادته ، المعنى : وإنا لنحن نحيي من نشاء بإخراجه من العدم إلى وجود الحياة ، ونميت بإزالة الحياة عمّن كان حيّا ، (وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) ، أي : لا يبقى شيء سوانا ، وكلّ شيء هالك إلّا وجهه ، لا ربّ غيره.
(وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) : أي : من لدن آدم إلى يوم القيامة ، قال ابن العربيّ في «أحكامه» : روى الترمذيّ وغيره في سبب نزول هذه الآية ، عن ابن عبّاس ؛ أنّه قال : كانت امرأة تصلّي خلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال ابن عبّاس : ولا ، والله ، ما رأيت مثلها قطّ ، قال : فكان بعض المسلمين ، إذا صلّوا تقدّموا ، وبعضهم يستأخر ، فإذا سجدوا نظروا إليها من تحت أيديهم ، فأنزل الله الآية (١) ، ثم قال ابن العربيّ : في شرح المراد بهذه الآية خمسة أقوال :
أحدها : هذا.
القول الثاني : المتقدّمين في الخلق إلى اليوم ، والمتأخّرين الذين لم يخلقوا بعد ، بيان أن الله يعلم الموجود والمعدوم ، قاله قتادة وجماعة (٢).
الثّالث : من مات ، ومن بقي ؛ قاله ابن عبّاس أيضا (٣).
__________________
(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٢٩٦) كتاب «التفسير» باب : ومن سورة الحجر ، حديث (٣١٢٢) ، وأحمد (١ / ٣٠٥) ، والنسائي (٢ / ١١٨) كتاب «الإمامة» باب : المنفرد خلف الصف ، حديث (٨٧٠) ، وابن ماجه (١ / ٣٣٢) كتاب «الصلاة» باب : الخشوع في الصلاة ، حديث (١٠٤٦) ، والطيالسي (٢ / ٢٠ ـ منحة) رقم : (١٩٦٠) ، وابن خزيمة (١٦٩٦ ـ ١٦٩٧) ، وابن حبان (١٧٤٩ ـ موارد) ، والحاكم (٢ / ٣٥٣) ، والبيهقي (٣ / ٧٨) ، والطبراني في «الكبير» (١٢ / ١٧١) رقم : (١٢٧٩١) ، من طريق أبي الجوزاء ، عن ابن عباس مرفوعا به ، وقال الحاكم : صحيح الإسناد ، ووافقه الذهبي ، وصححه ابن خزيمة ، وابن حبان ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وينظر : «الدر المنثور» (٤ / ١٨٠)
(٢) أخرجه الطبري (٧ / ٥٠٧) برقم : (٢١١١٦) بنحوه ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٥٤٩)
(٣) أخرجه الطبري (٧ / ٥٠٨) برقم : (٢١١٢١) ، وذكره البغوي (٤٨١٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٨١) ، وعزاه لابن جرير ، وابن أبي حاتم.