(لَوْ ما تَأْتِينا) : هلّا تأتينا.
وقوله : (إِلَّا بِالْحَقِ) : قال مجاهد : المعنى : بالرسالة والعذاب (١) ، والظاهر أنّ معناه كما ينبغي ويحقّ من الوحي والمنافع التي أراها الله لعباده ، لا على اقتراح كافر ، ثم ذكر عادته سبحانه في الأمم من أنّه لم يأتهم بآية اقتراح ، إلا ومعها العذاب في إثرها إن لم يؤمنوا ، والنّظرة : التأخير.
وقوله سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) : ردّ على المستخفّين في قولهم : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) ، وقوله : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) : قال مجاهد وغيره : الضمير في «له» عائد على القرآن (٢) ، المعنى : وإنا له لحافظون من أن يبدّل أو يغيّر.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (١١) كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (١٢) لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ)(١٥)
وقوله سبحانه : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ) الآية : تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : أي : لا يضق صدرك ، يا محمّد ، بما يفعله قومك من الاستهزاء في قولهم : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) ، وغير ذلك ، و «الشيعة» : الفرقة التابعة لرأس ما.
* ت* : قال الفرّاء (فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ) إنّه من إضافة الموصوف إلى صفته ك (حَقُّ الْيَقِينِ) [الواقعة : ٩٥] ، و «جانب الغربيّ» [القصص : ٤٤] ، وتأوّله البصريّون على حذف الموصوف ، أي : شيع الأمم الأولين. انتهى من* ص*.
وقوله سبحانه : (كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) : يحتمل أن يكون الضّمير في (نَسْلُكُهُ) يعود على الذكر المحفوظ المتقدّم ، وهو القرآن ، ويكون الضمير في «به» عائدا عليه أيضا ، ويحتمل أن يعود الضميران معا على الاستهزاء والشرك ونحوه ، والباء في «به» : باء السبب ، أي : لا يؤمنون بسبب شركهم واستهزائهم ، ويحتمل أن يكون الضمير في (نَسْلُكُهُ) عائدا على الاستهزاء والشرك ، والضمير في «به» عائدا على القرآن ، والمعنى ، في ذلك كلّه ، ينظر بعضه إلى بعض ،
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٤٩٣) برقم : (٢١٠٢٨) ، وذكره ابن عطية (٣ / ٣٥١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٥٤٧) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٧٥) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره ابن عطية (٣ / ٣٥٢)