بكسر اللام من «لتزول» وفتح الأخيرة ـ ؛ وهذا على أن تكون «إن» نافية بمعنى «ما» ، ومعنى الآية تحقير مكرهم ، وأنه ما كان لتزول منه الشرائع والنبوّات وإقدار الله بها التي هي كالجبال في ثبوتها وقوّتها ، هذا تأويل الحسن وجماعة المفسّرين (١) وتحتمل عندي هذه القراءة أن تكون بمعنى تعظيم مكرهم ، أي : وإن كان شديدا ، وقرأ الكسائيّ : «وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال» ـ بفتح اللام الأولى من لتزول ، وضمّ الأخيرة ـ ، وهي قراءة ابن عبّاس (٢) وغيره ، ومعنى الآية : تعظيم مكرهم وشدّته ، أي : أنه مما يشقى به ، ويزيل الجبال عن مستقرّاتها ، لقوّته ، ولكنّ الله تعالى أبطله ونصر أولياءه ، وهذا أشدّ في العبرة ، وقرأ علي وابن مسعود وعمر بن الخطاب وأبيّ : «وإن كاد مكرهم» ، وذكر أبو حاتم أنّ في قراءة أبيّ : «ولو لا كلمة الله لزال من مكرهم الجبال».
وقوله سبحان : (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ...) الآية : تثبيت للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ولغيره من أمّته ، ولم يكن النبيّ عليهالسلام ممّن يحسبنّ مثل هذا ، ولكن خرجت العبارة هكذا ، والمراد بما فيها من الزجر غيره ؛ (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) : لا يمتنع منه شيء ، (ذُو انتِقامٍ) : من الكفرة.
(يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٤٩) سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (٥١) هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ)(٥٢)
وقوله سبحانه : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ ...) ، الآية : (يَوْمَ) ظرف للانتقام المذكور قبله ، وروي في تبديل الأرض أخبار منها في الصّحيح : «يبدّل الله هذه الأرض بأرض عفراء بيضاء كأنّها قرصة نقي» ، وفي الصحيح : «إنّ الله يبدّلها خبزة يأكل المؤمن منها من
__________________
ـ ٣٣٦) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٤٠٢) ، و «العنوان» (١١٥) ، و «حجة القراءات» (٣٧٩) ، و «شرح شعلة» (٤٥٢) ، و «النشر» (٢ / ٣٠٠) ، و «الشواذ» (٦٩) ، و «إتحاف» (٢ / ١٧١)
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٤٧٧) برقم : (٢٠٩٣٧) ، وذكره البغوي (٣ / ٤٠) ، وابن عطية (٣ / ٣٤٦) ، وابن كثير في «تفسيره» (٢ / ٥٤٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٦٥) ، وعزاه لابن جرير.
(٢) نعم ، قرأها هكذا ابن عباس ، وابن مسعود ، وعلي ، وعمر ، وأبيّ ، وأبو إسحاق السبيعي ، ولكن بإبدال «كاد» مكان «كان».
ينظر : «الشواذ» ص : (٧٤) ، و «المحتسب» (١ / ٣٦٥) ، و «المحرر الوجيز» (٣ / ٣٤٦) ، و «البحر المحيط» (٥ / ٤٢٦) ، و «الدر المصون» (٤ / ٢٨٠).