تعالى ؛ كقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ ...) الآية [النحل : ٤٨] ، وقال مجاهد : ظلّ الكافر يسجد طوعا ، وهو كاره (١) وروي أن الكافر إذا سجد لصنمه ، فإن ظلّه يسجد لله حينئذ ، وباقي الآية بيّن ، ثم مثّل الكفّار والمؤمنين بقوله : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) ، وشبه الكافر بالأعمى ، والكفر بالظلمات ، وشبه المؤمن بالبصير ، والإيمان بالنور.
وقوله سبحانه : (قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) : لفظ عامّ يراد به الخصوص ؛ كما تقدم ذكره في غير هذا الموضع.
وقوله سبحانه : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) : يريد به المطر ، (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) : «الأودية» : ما بين الجبال من الانخفاض والخنادق ، وقوله : (بِقَدَرِها) : يحتمل أن يريد بما قدّر لها من الماء ، ويحتمل أن يريد بقدر ما تحمله على قدر صغرها وكبرها.
* ت* : وقوله : (فَاحْتَمَلَ) بمعنى : حمل ، كاقتدر وقدر قاله* [ص] *.
و (الزَّبَدُ) ما يحمله السيل من غثاء ونحوه ، و «الرابي» : المنتفخ الذي قد ربا ، ومنه الرّبوة.
وقوله سبحانه : (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ) : المعنى : ومن الأشياء التي توقدون عليها ابتغاء الحليّ ، وهي الذهب والفضّة ، أو ابتغاء الاستمتاع بها في المرافق ، وهي الحديد والرّصاص والنّحاس ونحوها من الأشياء التي توقدون عليها ، فأخبر تعالى أنّ من هذه أيضا إذا أحمي عليها يكون لها زبد مماثل للزّبد الذي يحمله السّيل ، ثم ضرب سبحانه ذلك مثلا للحقّ والباطل ، أي : إن الماء الذي / تشربه الأرض من السيل ، فيقع النفع به هو كالحقّ ، والزّبد الذي يخمد وينفش ويذهب هو كالباطل ، وكذلك ما يخلص من الذّهب والفضّة والحديد ونحوه هو كالحقّ ، وما يذهب في الدّخان هو كالباطل.
وقوله : (جُفاءً) : مصدر من قولهم : «أجفأت القدر» إذا غلت حتى خرج زبدها وذهب.
وقال* ص* : (جُفاءً) : حال ، أي : مضمحلّا متلاشيا ، أبو البقاء : وهمزته منقلبة
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٣٦٧) برقم : (٢٠٣٠٢) ، وذكره البغوي (٣ / ١٢) ، وابن عطية (٣ / ٣٠٦) ، والسيوطي (٤ / ١٠٢) ، وعزاه لابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ بنحوه.