يحمله العرش ، بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ، ومقهورون في قبضته ، كان الله ولا شيء معه ، كان سبحانه قبل أن يخلق المكان والزمان ، وهو الآن على ما عليه كان.
وقوله سبحانه : (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) : تنبيه على القدرة ، وفي ضمن الشمس والقمر الكواكب ، ولذلك قال : (كُلٌّ يَجْرِي) أي : كلّ ما هو في معنى الشّمس والقمر ، و «الأجل المسمّى» : هو انقضاء الدنيا ، وفساد هذه البنية.
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) : معناه : يبرمه وينفذه ، وعبّر بالتدبير ، تقريبا للأفهام ، وقال مجاهد : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) : معناه يقضيه وحده.
و (لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) : أي : توقنون بالبعث.
(وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)(٤)
وقوله سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ) : لما فرغت آيات السماء ، ذكرت آيات الأرض ، وال (رَواسِيَ) : الجبال الثابتة.
وقوله سبحانه : (جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) : «الزوج» ؛ في هذه الآية : الصّنف والنّوع ، وليس بالزوج المعروف في المتلازمين الفردين من الحيوان وغيره ؛ ومنه قوله سبحانه : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ...) الآية [يس : ٣٦] ، ومنه : (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) [ق : ٧] ، وهذه الآية تقتضي أنّ كلّ ثمرة ، فموجود منها نوعان ، فإن اتفق أن يوجد من ثمرة أكثر من نوعين ، فغير ضارّ في معنى الآية ، و (قِطَعٌ) : جمع قطعة ، وهي الأجزاء ، وقيد منها في هذا المثال ما جاور وقرب بعضه من بعض ؛ لأن اختلاف ذلك في الأكل أغرب ، وقرأ الجمهور (١) : «وجنّات» ـ بالرفع ـ ؛ عطفا على «قطع» ، وقرأ نافع (٢) وغيره : «وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان»
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٣ / ٢٩٣) ، و «البحر المحيط» (٥ / ٣٥٦) ، و «الدر المصون» (٤ / ٢٢٥)
(٢) ينظر : «الحجة» (٥ / ٥ ـ ٦) ، و «إعراب القراءات السبع» (١ / ٣٢٠) ، و «حجة القراءات» (٣٦٩) ، و «الإتحاف» (٢ / ١٦٠) ، و «المحرر الوجيز» (٣ / ٢٩٣) ، و «البحر المحيط» (٥ / ٣٥٦) ، و «الدر المصون» (٤ / ٢٢٥) ، و «شرح الطيبة» (٤ / ٣٩١) ، و «العنوان» (١١٣) ، و «شرح شعلة» (٤٤٤) ، و «معاني القراءات» (٥٥)